بكلام آخر، استجلب العقيد معمر القذافي الدب إلى كرمه، عن قصد أو عن غير قصد، وأجزم أنه يعي ما يفعل، انطلاقا من مقولة "انأ أو لا أحد".

فهل يعلم القذافي مقدار الثمن الذي ستدفعه ليبيا مقابل عناده في البقاء في منصب يدعي أنه لا يريده؟

يجب ألا يغيب عن بال القذافي، وأيضا المعارضة الليبية، أن الغرب الذي استفاق بعد سبات عميق عما عاناه الشعب الليبي، لا يقدم شيئا بالمجان، والقذافي بخبرته الطويلة مع الدول الغربية يعي ذلك بدءا من كارثة لوكربي وانتهاء بالمشروع النووي الليبي مرورا بحادثة تفجير ملهى لا بيل في ألمانيا. فالطائرات التي بدأت تقصف مواقع السلطة، محسوبة بالدولار، وموعد الاستحقاق لا بد أنه قادم، وأرض ليبيا تختزن من المواد التي يعشقها الغرب الكثير.

ربما يصفق البعض للتدخل العسكري الغربي بناء للقرار الدولي 1973. وهو أمر مطلوب لإزاحة الغمة عن صدر المعارضة الليبية، إلا أن الأميركيين وخلافا لكثيرين ممن ينضوي تحت لواء التحالف الدولي، كانوا صريحين أن الهدف من القصف هو حماية المدنيين وليس إسقاط نظام القذافي. وهنا لا بد من التساؤل: ماذا بعد؟ أي بسؤال آخر هل ستكون حماية المدنيين من سلاح القذافي ومن طائراته ومدفعيته، عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل انطلاق الثورة الشعبية، فيعود القذافي حاكما على ليبيا يتصرف بمواردها ويسدد الفواتير للجهات التي أحبطت تلك الثورة؟