خلق الناس أحراراً لا تكاد تخلو الحياة من ذلك المشهد, مشهد ذلك الشخص الذي يمارس سلطته على من هو أصغر منه سناً, أو ذلك الشخص الذي يستعرض صلاحياته على من هو أدنى منه مرتبة, أو ذلك الشخص الذي يحاول أن يستغل منصبه أو موقعه, وذلك في التعدي على صلاحيات وحقوق الآخـرين الذين هم تحت إمرته, والذين كانوا قد هجروا بلادهم وتركوا أحبتهم وذلك طلباً للقمة العيش سواء أكانوا عـمالاً أو مـمرضات أو خادمات .
رأيت موقفاً مشابها فتذكرت حينها قول عمر بن الخطاب رضي الله عـنه " متى استعبدتم الناس, وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" عندما تشاهد امرأة كانت قد تركت أهـلها وأحبتها وديارها لتجلب لهم لقمة العيش، أو لتبحث عن عـمل يغطي حاجتها ومن تعول, وترى على النقيض الآخر ذلك الشخص الذي كان قد وضع في موضع الأمين المشرف أو ربما الحارس الموكل وترى أن همه الوحيد هو التصـدي لهؤلاء ومحاولة التحرش بهم و فرض سلطته ومرتبته أو ربما حتى التهديد عليهم, عندها ترى إلى أي درجة تصل بالإنسان دناءة النفس وحب الذات و ترى أنه قد غير مفهوم السـلطة الموكلة إليه في الدفاع عن هؤلاء ورعايتهم إلى سلطه التسلط والهجوم والتعدي عليهم, فهولا يفكر إلا بنفسه, ولا يهمه إلا هو.
إن المثل الشعبي القائل "حاميها حراميها " لم يـوجد من فراغ, فلقد صنعه شخص قد اكتوى بظلم هؤلاء الشرذمة, وبـعد هذا تناقلته الأجيال، لماذا نفكر بقلوبنا وشهواتنا دائماً, بدلاً من أن نفكر بعقولنا وبصائرنا؟, كأننا كالذي يريد أن يسمع الصوت وذلك عن طريق عينيه!
لماذا لا نحب للآخرين كما نحب لأنفسنا, ولماذا لا نفكر إلا بذواتنا ؟ لماذا لا نحكم شرع الله فينا ولماذا نتجاهل أن الظلم ظلمات, وأنه كما تدين تدان .