من منطق الحياة المعاصرة ، أصبح الليل والنهار معاشا، فدوامنا يمتد إلى عشر ساعات يوميا يضاف إليها بعض المحرمات كالخروج مثلا لأي غرض دنيوي وتشعر وكأنك في معتقل وليس في شركة.

السادة الأعزاء لو زرتمونا يوما من أيام الشتاء الهادئ البديع, لأصابكم العجب من تأديتنا لجميع الصلوات الخمس ونحن في الدوام ما عدا صلاة الفجر التي نؤديها أحيانا في طريقنا إلى الشركة، ونغادر الشركة بعد صلاة العشاء محملين ببرد الشتاء وتعب النهار لنهجع طويلا ونستعد للاستيقاظ لصلاة الفجر في طريقنا إلى مقر عملنا في يوم متعب آخر، والعجيب أيها السادة أنك في حال خروجك لغرض شخصي فإن ساعاتك التي تخرج فيها يجب تعويضها، وهنا لا بد أن أصرخ ولكن بعد قليل من التنهت والحيرة والحزن سأهتدي إلى فكرة قد تحلحل الموضوع ولكنها لن تحله، والفكرة هي أن أستعيض عن ساعات الدوام التي خرجتها بتمديد دوامي إلى ما بعد السادسة مساءً بحسب عدد ساعاتي التي خرجتها ، وهنا تراودني فكرة أخرى لماذا لا أحضر بطانياتي ومخداتي لأنام إلى اليوم الآخر فلم يتبق على فجر اليوم الآخر إلا سويعات.

المتعارف عليه في الأعراف الدولية أن العمل يساعدك على البقاء على قيد الحياة ، أما عملي بهذه الطريقة فسينقلي لا محالة إلى جوار ربي. أيها السادة، إني أغرق ،إني أحترق، إني مرهق.

في فرنسا الدولة الصناعية الدوام 35 ساعة، بينما أنا في السعودية أكابد 48 ساعة إذا استثنينا الساعات الميتة والمفقودة ربما تصل 60 ساعة. أيها السادة سأخالف العادة ولن أطالب بزيادة المادة (الراتب) ولكن أنقذونا من دوام كهذا.