تنقل الشاشات هذه الأيام مشهدين كارثيين عالميين يتزايد عدد الضحايا فيهما، أولهما عربي بدأ منذ فترة وبات فيه الشعب الليبي يقف على مفترق طرق بعد أن أصدر مجلس الأمن فجر أول من أمس قراره بفرض حظر الطيران فوق ليبيا، مما أجبر"العقيد القذافي" المتشبث بالكرسي - حتى لو دُمَر البلد - على تعديل تكتيكه الحربي ضد شعبه في اليوم ذاته بعدم مهاجمة مدينة بنغازي لتنظيفها ممن يسميهم "الخونة". ثم هاجمها بعنف منذ صباح أمس مستخدما كل قدراته العسكرية من مدافع وراجمات صواريخ... ثم دخلت – طبقا لـ"الجزيرة" – قوات تابعة له إلى الأحياء الغربية لبنغازي.

المشهد الثاني، هو فاجعة اليابان وزلزالها المدمر، وفيه لم يكن للكرسي دور في الموت والخراب كما المشهد الأول. أما تداعياته فما زال العالم قلقا منها خاصة بما يتعلق بمفاعل فوكوشيما النووي الذي أدى "تسونامي" إلى اختلال بنيته وتصاعد الدخان من وحدته الثانية.. مما يهدد بكارثة نووية إن حدثت فهي ستترك آثارها عشرات السنين، مثل نتائج هيروشيما وناجازاكي الذريتين اللتين استسلمت بعدهما اليابان في الحرب العالمية الثانية. لكن الحرب اليابانية اليوم مختلفة، فهي صراع مع قوى الطبيعة التي ما زالت أقوى من قدرات البشر، ومع القوى النووية التي يريد منها الإنسان أن تخدمه حضاريا وعسكريا.

في المشهد الأول، العقيد يقتل الشعب الليبي ليحافظ على الكرسي، وفي الوقت ذاته يدعي أنه ليس رئيسا لشعبه! فتعاطف سكان الأرض مع الشعب ضد العقيد.. فكان العقيد هو الكارثة.

في المشهد الثاني، فتك الزلزال وتوابعه بالشعب الياباني وحدث الدمار، فتعاطف سكان الأرض مع اليابانيين، ضد كارثة لا يمكن تفاديها.

بات من المؤكد أن آثار الكارثتين قد تستمر لسنوات وسنوات... ولكن الذي لم يتأكد بعد موعد مغادرة العقيد، فيما تسونامي غادر، وكلاهما كارثة مدمرة.