وسط أكوام من النفايات، وبجوار طريق الميناء الرئيسي بجدة، يعيش الشاب السعودي سليمان منذ عامين، ويخبر كل من مر عليه أنه مكلف بالبقاء في هذا المكان، ولكنه لا يعلم من كلفه بهذه المهمة. تفاصيل قصة سليمان كشفتها "الوطن" أمس، وأنهتها في نفس المكان والزمان.
بدأ الأمر حين استوقف رجل مسن المارين بطريق الميناء أثناء بحثه وسط تجمع للنفايات، أما المفاجأة فكانت حين أعلن المسن "ع. م" أنه يبحث عن ولده. وحكى الأب قصة ابنه سليمان لـ"الوطن"، حين أحضره لمستشفى الصحة النفسية بجدة عام 1429 "بعدما أخذ يهددني بالقتل بعد تفاقم مرضه النفسي" إلا أن المستشفى سمح له بالخروج "لتحسن حالته" دون تنسيق مع الأب.
وسط أكوام من النفايات، وعلى بعد 300 متر من مقر أمانة جدة، وإلى جوار طريق الميناء الرئيسي يعيش الشاب السعودي العشريني سليمان منذ عامين، ويخبر كل من مر عليه بأنه مكلف بالبقاء في هذا المكان، ولكنه لا يعلم من كلفه بهذه المهمة.
تفاصيل قصة سليمان كشفتها "الوطن" أمس عندما رصدت رجلا مسنا يبحث عن شيء ما وسط تجمع للنفايات إلى جوار طريق الميناء جنوب جدة، في مشهد يستوقف كل من مر من هناك، ولكن المفاجأة كانت عندما قال ذلك المسن، ويدعى "ع. م": إنه يبحث عن ابنه.
ووسط الاستغراب الذي بدا على وجوه المتوقفين بالشارع من إجابة هذا المسن، جاءت المفاجأة الأكبر عندما اكتشف الجميع وجود شاب يلتحف قطعة من الأسفنج وسط هذه النفايات، وينهض بسرعة ليقبل رأس والده.
"الوطن" اقتربت من والده الستيني، وسألته عن قصة ابنه سليمان، فقال: إنها قصة مؤلمة بدأت فصولها منذ 10 سنوات عندما كان ابنه سليمان موظفا في إحدى شركات الاتصالات بمنطقة جازان، حيث تعرض لمرض نفسي أجبره على ترك الوظيفة.
وأكد أنه عرض ابنه على عدد من المستشفيات النفسية في الرياض وجدة، ولكن كثرة الأسفار، وضعف المادة أجبرته على إبقائه في المنزل بجازان، ومن ثم إحضاره لمستشفى الصحة النفسية بجدة عام 1429 بعدما أخذ يهدده بالقتل نتيجة تفاقم المرض.
وأوضح أن ابنه مكث في المستشفى قرابة أسبوعين، وأن ظروف أسرته في جازان اضطرته للمغادرة إلى هناك، ولكنه فوجئ باتصال من المستشفى يبلغه بأنه تم السماح لابنه بالخروج لتحسن حالته، وأنهم لا يعلمون عنه شيئا حاليا.
وأضاف: حضرت إلى جدة، وبحثت في كل مكان لعلي أجد سليمان، ولكن دون جدوى، واستمر بحثي عنه لمدة عام، وأبلغت الشرطة إلا أنها لم تستطع العثور عليه رغم وجوده في مكان عام، وعلى مقربة من أحد أهم الطرق بجدة.
ويضيف: أبلغني بعض الجيران في جازان أنهم عثروا على ابني في هذا المكان، فحضرت لأجده في حالة نفسية أسوأ من سابقتها، ومنذ عام وأنا أتردد عليه في هذا المكان لأسلم عليه، واطمئن على صحته بعد رفضه كل محاولاتي لاصطحابه معي.
وأوضح أحد المقيمين العاملين في محل تجاري مجاور، يدعى عادل زهير أن سليمان يقطن هذا المكان منذ عامين، ويعيش على مخلفات المارة، وصدقات المحسنين، ويرفض أي دعوى للخروج من هذا المكان الذي يعج بالنفايات.
وطالب الوالد المسن الحاضرين بمساعدته في حل مشكلته وابنه، أو التدخل لإعادته إلى مستشفى الصحة النفسية مرة أخرى، وهو الحل الذي لم يرفضه سليمان، ولكنه اشترط أن يصطحب معه حقيبة رثة بجانبه ملأها بقطع من النفايات. من جانبها، أجرت "الوطن" اتصالا من موقع وجود سليمان بمدير مستشفى الصحة النفسية الدكتور عدنان مفتي الذي تجاوب على الفور مع المشكلة، مطالبا بإحضار سليمان إلى المستشفى على وجه السرعة. وتمكن والد سليمان وبعض أقاربه من إقناع سليمان بالتوجه معهم إلى المستشفى، واصطحبوا معهم حقيبته الرثة التي كانت هي شرط موافقته، واستقبلهم في المستشفى نائب المدير الطبي الدكتور خالد العوفي الذي أشرف مباشرة على فريق مختص يقوم بفحص حالة سليمان، وتنويمه بالمستشفى، موضحا أنه يعاني مبدئيا من حالة انفصام حادة.