من المعروف في جميع دول العالم أن الشأن الرياضي وخصوصا كرة القدم من أخصب المجالات لوسائل الإعلام الفضائية والورقية والإلكترونية، ففي حالتنا الرياضية المحلية يبدو الوضع محزنا ومضحكا في الوقت نفسه، فبعد كل مباراة في دوري "زين" أو أية مسابقة أخرى في كرة القدم، تتجه الكاميرات ويتعارك مراسلو القنوات الفضائية على تصريح رئيس النادي، الذي لا يشق له غبار في نحت الكلمات الشتائمية، لكي تتوافق مع عناوين "جولة" وليد الفراج، أو "خط" محمد نجيب. فهذه القنوات أصبحت تقتات على فتات تلك التصريحات التي يخرج صاحبها وهو مطمئن أن أخباره ستطغى على أخبار ليبيا أو البحرين.
وبالطبع فإن معظم رؤساء الأندية الرياضية المحلية لم يتعاركوا في السر والعلن للانقضاض على كرسي الرئاسة، الذي يدفعون من أجله ملايين الريالات، إلا لهدف وحيد هو أن يضمنوا "الترزز" أمام الشاشات بعد كل مباراة، وأن تكون صورهم في الصفحات الأولى للصحف المحلية، وربما بعض العربية خارج الحدود التي تسعى للحصول على جزء من "الكعكة". بعكس ما يحدث في معظم دول العالم التي يطبق فيها نظام الاحتراف الرياضي بشكل صحيح، حيث إن الهدف الاقتصادي من رئاسة النادي، هو الأساس وهو المطلب الحقيقي، لأي رجل أعمال يسعى لشراء ناد رياضي شهير، فهو يفكر في العائدات المالية التي تعود عليه من الاستثمار في النادي، ولذلك يقصر جهده وحضوره الإعلامي على تعزيز الجوانب الإدارية والفنية لفريقه، لأنه يعرف أن أسهم النادي مرتبطة بما يقدمه في الميدان. أما لدينا فالمهم لدى رؤساء الأندية، هو مغازلة الجمهور الذي يتكون من عامة الناس في الغالب بتصريحات "نارية" عن غريمه الرئيس الآخر، ثم يأتي الآخر ليرد عليه، وهكذا يصبح الأمر لعبة "قط وفأر" ينشغل بها العامة وربما تتحول إلى أداة من أدوات الصراع الاجتماعي، وهذا ليس من مبدأ المبالغة، ولكن من يتابع ما يحدث في المنتديات الإلكترونية والتجمعات الشبابية يدرك أن هؤلاء "الرؤساء الفضائيين" يلعبون بالنار وهم يعون أو لا يعون.
وهنا أتمنى من المسؤولين عن الرياضة وضع حد صريح لهذه "المناكفات" السطحية بين رؤساء الأندية الرياضية، فبلدنا مثقل بهموم التطرف وصراع التيارات الفكرية والطائفية المقيتة، ولا يحتمل المزيد من توتير الأجواء، ولا يستغرب أحد إن استغل المتربصون بأمننا الوطني، مبارزات الرياضيين، لمحاولة شق الصف، وبث الفرقة. وقد سمعت أحد أبرز أعداء وطننا يدعو لذلك صراحة قبل مباراة النصر والهلال الأخيرة.