من جديد عادت برامج "تلفزيون الواقع" لتجذب أنظار المشاهدين في ماليزيا من خلال الاعتماد على خلفية دينية. آخر هذه المسابقات عرفت باسم "إمام مودا" التي تعني "الزعيم الشاب". وهو برنامج مسابقات أصبح يتمتع بشعبية كبيرة بين الماليزيين بمشاهده التي لا تقوم فقط على حفظ القرآن وتجويده وإنما أيضاً على مشاهد حقيقية لعمليات غسل الموتى ودفن الجثث. من بين تلك المشاهد مشهد يظهر فيه عشرة من المتسابقين وقد وضعوا كمامات على وجوههم وارتدوا قفازات في أياديهم قبل أن يقوموا بعملية تغسيل لجثتين مجهولتي الهوية داخل مشرحة. ثم يقومون بعد ذلك بدفن الجثتين. ومع مشاهد الغسل والدفن تتوالى عمليات النصح والوعظ الحي حيث تظهر أصواتهم وهم يعلقون على تلك المشاهد قائلين "عندما يحين وقت الرحيل عن الدنيا، لا أحد يستطيع تأخير الموت أو حتى يقدمه. كبار السن يموتون، والأطفال يموتون. فهل نحن مستعدون للموت؟"

وتصل مدة المسابقة، التي يتم بثها على قناة أسترو أواسيس، عشرة أسابيع، ويشارك فيها عشرة متسابقين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاماً. ويتمتع المشاركون بالمعرفة الدينية إضافة إلى قدرتهم على الوصول إلى قلوب وعقول المشاهدين بسهولة. أما جوائز المسابقة، التي مر من عمرها حتى الآن خمسة أسابيع، فعبارة عن سيارة وتذكرة حج شاملة تكاليف السفر والإقامة ومنحة دراسية في المملكة العربية السعودية إضافة إلى جهاز كمبيوتر محمول ومكافأة مالية قيمتها 6400 دولار".

يقول إيزيلان بصار، منفذ العرض ومدير قناة "أسترو أواسيس"، إننا "نريد أن نثبت أن لدينا شبابا مسلمين ماليزيين يستطيعون مواكبة العصر. لقد اخترنا ألمع الشباب للمشاركة في هذا البرنامج.

ويقول حسن محمود حافظ، وهو قاض سابق كان يؤم الناس في المسجد الوطني الماليزي، إن "هذا البرنامج ليس مثل غيره من برامج المسابقات التي ليس لها قيم دينية. نحن لا نقدم متسابقين في الموضة أو الغناء، نحن نوفر الغذاء الروحي، ولا نبحث عن مغنية أو عارضة أزياء".

تعلق فوزيانا إسماعيل، وهي ممرضة تبلغ من العمر 25 عاماً وتحرص على مشاهدة البرنامج أسبوعيا مع زوجها ووالديه، قائلة "نحن نحاول عدم تفويت حلقة واحدة، لأننا نتعلم أشياء جديدة عن ديننا".

أما توفيق نوح، أحد المتسابقين والبالغ من العمر 27 عاماً، فيقول "أريد أن أقوم بمسؤولياتي تجاه ديني ومجتمعي من خلال وجودي هنا". ويضيف نوح، الذي سمح له بالخروج لليلة واحدة لإتمام زواجه في الثاني عشر من يونيو الحالي، "سمح لي بالخروج للزواج. وأمضيت ليلة واحدة مع زوجتي. إنني حزين لأنني انفصلت عن زوجتي. لكن وجودي هنا عوضني. أشعر أنني سأفوز، ونفس الشعور تشعر به زوجتي".

ومن بين الحلقات الأخرى التي جذبت عدداً كبيراً من المشاهدين حلقة حول "حث المواطنين على استقبال النساء والأطفال الذين ليس لهم مأوى". وبلغ حد التفاعل مع هذه الحلقات أن بلغ عدد رواد صفحة "الإمام مودا على الفيس بوك" نحو 25 ألف متصفح. ويتم عزل المتسابقين في المسجد ولا يسمح لهم بالتواصل مع أسرتهم أو أصدقائهم أو استخدام الهواتف النقالة. حيث يقضي المتسابقون معظم وقتهم في الدراسات الإسلامية.

يذكر أن ظاهرة برامج تلفزيون الواقع انتشرت في ماليزيا مع بداية الألفية الثالثة عندما بثت القنوات الأرضية والفضائية برامج لاقت نجاحاً جماهيرياً كبيراً من نوع "أكاديمي فانتازيا" و"ماليزيان آيدول" وغيرها من برامج تلفزيون الواقع، حيث تبنت القناة الماليزية التاسعة فكرة برنامج أسمته "القرآن أكاديمي".

وحسب ما يقوله المنتجون فإنهم يريدون أن "يثبتوا أن الشباب في ماليزيا ما زالوا على صلة بالدين على الرغم من تأثير ثقافة البوب الغربية على البلد".