يبدو أنّ القائمين على الإعلام الإيراني الموجّه، غير قادرين على فهم الحالة السعوديّة، وغير مدركين لنوع العلاقة بين القيادة والشعب، وغير مستوعبين لوطنيّة السعوديين على اختلاف فئاتهم وطوائفهم، بل إنّهم لا يعلمون أنّ مستويات الشفافية في بلادنا قد تجاوزت تعتيماتهم بمراحل، ولذا صارت كلّ أشكال التزييف الإعلامي مدعاة للضحك.. والضحك فقط.

"العالم" قناة إخباريّة تبثّ من إيران، وتملكها الدولة ممثّلة في إذاعة جمهوريّة إيران الإسلامية، وتُوجّه إلى العالم العربي؛ وقد كانت موجّهةً إلى العراق في بداياتها الأولى، قبل تسع سنوات، ثم اتجهت إلينا نحن السعوديين ـ على وجه الخصوص ـ بعد انتفاء الحاجة إلى توجيهها صوب العراقيين.

هذه القناة أنموذجٌ حي لعدم الفهم، بل وعدم احترام عقول البسطاء، فضلا عن العارفين، لتكون "العالم" مرآةً عاكسةً للرعونة السياسيّة، والإصرار على التفكير بعقولٍ ترى في الغاية وهي "تصدير الثورة" ما يبرّر الغباء الإعلامي، والكذب المكشوف، حتّى إنّ المتابعَ لما تبثّه عبر موقعها المحجوب، أو تمرّره لها القنوات الرديفة، الرديئة فنّياً ومهنيّا؛ يصل إلى قناعة أكيدة بأنّها تكذب.. وتكذب، وهي تعلم بأنّ أحداً لن يصدّقها، إلا أنّ من واجبها أن تكذب، وحسب.

لا تكتفي "العالم" بالحوارات المُغالطة، والرؤى المتطرّفة، والإساءة إلى المذاهب الإسلاميّة، وإثارة الفتنة، وفتح الأبواب أمام حفنة من ذوي الأهداف الخاصّة، وإنّما تتجاوز ذلك إلى صناعة تقارير وهميّة، وتلفيق أخبار لا وجود لها إلا في عقول صانعيها، وكأنّنا لا نرى واقعَنا، ولا ندرك ما يدورُ على أرضنا!

المتابع للتقارير التي بثّتها هذه القناة قبيل يوم الجمعة الفائت، يُذهلُ.. ويضحك.. ويعجب في آن واحد؛ فهذه التقارير تصوّر السعوديّة على شفا جرف هارٍ يوشك أن ينهار بها في الفوضى، بينما الحقيقة على النقيض تماما من تلك التقارير، (الأمنيات والأحلام) التي يتمنّاها القائمون على "العالم"، أو يحلمون بها. أحدُ هذه التقارير يأتي على تفاصيل الاستعدادات الأمنيّة لجمعة الغضب، وكأنّ بلادَنا مقبلةٌ على حربٍ أهليّة، بل ويزيد عليها الادعاء بمرابطة القوات الجويّة والبحريّة السعوديّة تحسّباً للغضب الشعبي الموهوم.

إلامَ هذا؟ ولماذا؟