تشكل المباريات المتبقية من المونديال، تهديداً قوياً لعدد من حفلات الزواج بمنطقتي عسير والباحة اللتين دائماً ما يصاحبها العرضة الجنوبية، حيث تنطلق مراسم الزواج عقب صلاة العصر وتمتد حتى المغرب ثم تبدأ "العرضة" عقب صلاة العشاء وحتى وقت متأخر من الليل.

وأكد عدد من أصحاب مناسبات الزواج تزايد الطلبات هذه الأيام على شعراء العرضة في منطقتي عسير والباحة لإحياء حفلات الأفراح التي تتميز بها المنطقتان خلال فصل الصيف وأن عدداً من الشعراء، محجوزين من وقت مبكر بمالبغ مالية تزيد عن 10 ألاف ريال للشاعر الواحد لما لهم من شعبية كبيرة بين جمهور المتذوقين لهذا الموروث، مشيرين أن المباريات المقبلة من المونديال، باتت تهدد بفشل تلك الحفلات وعدم حضور المدعوين.

يقول عبدالله الزهراني إنه حجز عددا من الشعراء وكذلك الزير (الطبول) وشركات التسجيل منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر حتى يخرج حفل زواج ابنه بالشكل المطلوب الذي يرضى الضيوف وزوار المنطقة.

وأضاف" لم آخذ في الاعتبار مباريات المونديال ومدى شغف الناس بها على مختلف المراحل العمرية، فقد أصبحت في موقف صعب جداً، حيث لا أستطيع تأجيل مراسم الزواج لارتباطات أخرى، في المقابل هناك تهديد خطير بعدم حضور كثير من الضيوف للمناسبة، فالعرضة بدونهم لا طعم ولا لون لها".

ويشاركه في الرأي عطية الزهراني قائلاً" لقد أصبحنا في موقف لا نحسد عليه فالعرضة هي إحدى الفنون التي يعشقها أهل الجنوب منذ زمن بعيد في المناسبات والأفراح فهي عنصر أساسي في زيجاتنا، إلا أن المتابعة الشديدة لمونديال كأس العالم بجنوب أفريقيا الذي يبث في ذات توقيت إقامة العرضة، سيضعف من حضور تلك المناسبات ويتسبب في خسائر مادية ومعنوية لكافة أصحاب الزيجات".

من جهته أبان الشاب عبدالعزيز الغامدي أنه حرص على اختيار الموعد المناسب لزواجه بعد أن وقف على جدول كأس العالم، ليمكن الأهل والأقارب والأصدقاء من الحضور وعدم وجود عارض يشغلهم لحضور ليلة العمر ومشاركتهم في حفلات العرضة، ويؤكد" الألوان الشعبية ومن بينها العرضة والمسحباني واللعب، تضفي البهجة والسعادة على الجميع، كونها تريح النفس من عناء الحياة وتهدأ معها النفوس من مشاغل الحياة وأعبائها".

مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بالباحة على البيضاني "شاعر وأحد المهتمين بالتراث القديم"، لم يخف تخوفه من تسبب كأس العالم في عزوف الناس عن حضور الزيجات التي تكثر في فترة الصيف الحالية.

وقال "الموروثات الشعبية هي جزء من اهتمام الكثير من أهالي المنطقة الجنوبية على وجه الخصوص وجميعها تحاكي عراقة الماضي الذي مثّلة الآباء والأجداد في حقبة من الزمن، ونحن نجدد ذلك بشرط أن لا تضيع الهوية الأصلية وأن لا نتلاعب بمفردات التكوين، وعلينا الحفاظ قدر المستطاع على الأصل دون أن يتغير أو يتبدل حتى يتواصل التوارث جيلا بعد جيل".