الحمد لله رب العالمين. أخيرا اكتشف مجلس الشورى عدم جدوى مناقشة التقارير القديمة التي تقدمها له بعض الوزارات بعد مضي سنوات، تقرير خطة التنمية الثامنة الذي طالب عدد من أعضاء الشورى بإيقاف مناقشته بسبب مضي ثلاث سنوات عليه، ليس الأول من نوعه من حيث التقادم الزمني، فقد ناقش المجلس تقارير أداء كثيرة قديمة لا فائدة مطلقا من مناقشتها، وأتذكر أنني وغيري كتبنا عدة مرات نتساءل عن الفائدة التي يتوخى المجلس تحقيقها من مناقشة تقارير ميتة تماما، لكن المجلس لم يجب، واستمر يناقش أي تقرير يرسل إليه حتى ولو مضى عليه سنتان أو ثلاث، ويوم الأحد الماضي قدمت لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بالمجلس تقريرها بشأن متابعة تنفيذ برامج ومشروعات العامين الثاني والثالث من خطة التنمية الثامنة، الخطة كلها انتهت عام 1430 أي قبل أكثر من سنة من اليوم، ووزارة التخطيط والاقتصاد تقدم لمجلس الشورى تقريرها عن العامين الثاني والثالث، مما يعني أن الوزارة لم تنجز حتى الآن تقريرها عن العامين الرابع والخامس من الخطة الثامنة بينما الخطة التاسعة مر من عمرها أكثر من سنة، ومع هذا وببراءة معتادة ناقشت لجنة الشؤون الاقتصادية التقرير القديم وكتبت تقريرها عليه وقدمته للمجلس، ولولا أن عددا من أعضاء المجلس نبهوا إلى عدم جدوى التقرير ولا المناقشة لاستمر المجلس كالمعتاد في مناقشة هذا النوع من التقارير الميتة.
الأعضاء الذين اعترضوا على مناقشة التقرير ونجحوا في إيقاف مناقشته، طالبوا باستدعاء وزيري التخطيط والمالية لمناقشتهما في ما تم إنجازه خلال السنة الأولى من خطة التنمية التاسعة المنتهية قبل بضعة أشهر وهذا هو عين الصواب، وهذا هو دور المجلس المفترض، فمن المفترض أن يكون لدى كل وزارة أو مؤسسة حكومية خطة عمل سنوية تعدها قبل بداية أي عام مالي وتقدم نسخة منها لمجلس الشورى الذي يفترض أن يقوم بمطالبة تلك الوزارة أو المؤسسة بتقرير أداء ربع أو نصف سنوي – مثلما تفعل البنوك والشركات الكبرى – ثم يقوم المجلس بمناقشة ذلك التقرير ويحاسب الجهة على أي تقصير ويطمئن معها على حسن الأداء، وبهذا يكون للتقرير قيمة، ويكون للمجلس قيمة، أما مناقشة التقارير الميتة فإنها كما قال عضو الشورى المهندس محمد القويحص تعد سلبية في حق المجلس واللجنة، ووصف السلبية هنا تعبير مهذب، وإلا فإن الأمر يعد استخفافا بدور المجلس من قبل الجهات الحكومية التي تقدم تقارير أداء مر عليها سنوات.
لقد أكثرت من الفرضيات في هذا المقال مع أنني أعرف أن المجلس لا يملك فرض شيء ولا المطالبة بشيء، لكنني أفترض أن أعضاء المجلس يستطيعون المطالبة بتلك الصلاحيات، وإلى أن تتحقق كما نأمل ويأملون يكفينا منهم رفض مناقشة التقارير الميتة، فهذه فيما أعتقد لا يمكن إجبارهم عليها.