بهدوء كان غالبية حاضري مجلس العزاء ينسحبون منه عندما حانت التاسعة والنصف قبل يومين، فيما كان الازدحام على أشده قبل هذا الوقت بساعة.
هذا الأمر تكرر خلال يومين سابقين.. كان السبب أن موعد المباراة الثانية من المونديال يتصادف مع تلك الساعة، فكان المعزون يحضرون قبلها لتقديم واجب العزاء، وممن يداهمه الوقت يتسلل بطريقة أو أخرى لمشاهدة المباراة خصوصا أن تلك المباريات جمعت الأرجنتين والمكسيك، ثم البرازيل وتشيلي.
برر أحد المعزين رياض الحسن ذهابه من العزاء بقوله: "توفي والدي مصادفة في أحد المونديالات، وكنت أذهب لمتابعة المباريات متذرعا بأشياء كثيرة، ولم أفوت إلا مباراة واحدة، فكيف الآن وهناك مباراة تلعب فيها الأرجنتين وأخرى تلعب فيها البرازيل".
من جهتها لم تحتمل أم أحمد جلوس زوجها الطويل أمام التلفزيون لمتابعة مباريات المونديال بعد مضي أكثر من خمسة عشر يوما على انطلاقته، فتركت بيتها برفقة أطفالها الأربعة ميممة شطر بيت أهلها مبتعدة عن زوجهــا لحين انتهاء المونديال وصخـبه، قائـلة: "الحياة مع كرة القـدم باتت لا تطاق"، بينما يرى أبوأحمد في اللعبة ملهـاة مفيدة في المنزل، ويراها خيرا من الذهاب إلى المقهى وفرصة للتخلص من متاعب العمل المرهق يوميا.
احتفال
وفي مدينة دير الزور (350 كلم شمال شرق العاصمة السورية دمشق)، كما في باقي المدن السورية خرجت جموع المتابعين للمونديال مبتهجة بخروج المنتخب الأمريكي خاسرا على يد غانا التي رأوا أنها ثأرت لهم وللجزائر التي خسرت أمام الأمريكيين بهدف في الوقت القاتل وكانت تستحق البقاء.
ولم يمنع هبوب الغبار الكثيف (العجاج) رواد المقاهي الذين يتابعون المباريات من خلال الشاشات الكبيرة من النزول إلى تلك المقاهي رغم صعوبة الرؤية والتنفس ومشاكل الغبار الكثيرة، إضافة إلى الحر الشديد الذي اعتادوا عليه، وقالوا: "إنها حياتنا التي اعتدنا عليها، ومباريات المونديال لا يمكن تفويتها حتى لو كان الطقس على هذه الحال".
وفي ذات المدينة، وضع مشجعو فريق الفتوة (درجة أولى) الأعلام السـوداء فوق مقر ناديهم عقب خروج المنتخب الإيطالي الذي يشجعونه ويطابق لون قميصـه الأزرق لون فريقهم، وحذا مشجعو النادي الجار اليقظة (درجة ثانية) حذوهم ورفعوا الأعـلام السـوداء حزنا على خروج المنتخب النيجيري، حيث يلقب فريقهم أيضا بالنسور الخضر ونيجيريا في دوري الدرجة الثانية.
ورغم خروج المنتخب الفرنسي من المونديال فلا يزال أحد المشجعين يصر على رفع علم كبير على شرفة منزله فيما يتعمد بعض الكارهين للمنتخب الفرنسي رمي ذاك العلم بالطماطم، مطالبين بإزالته لكنه يصر على إبقائه، معتبرا أن المنتخب الفرنسي كان يستحق البقاء لولا المحنة التي ألمت بهم واعتبرها مؤامرة ضد الديوك الممتعة.