دعوني أقل بصراحة: الإسلاموفوبيا وأولئك الذين يروجون لها يشكلون خطرا أعظم على الولايات المتحدة من أنور العولقي وفريقه المتهرئ من الإرهابيين.

من ناحية، لا يستطيع العولقي من كهفه في اليمن سوى أن يتصيد فرائسه من العزلة عندما توجد. يتبنى العولقي شخصية مالكوم إكس في آخر أيامه، فهو يبدو جازما واثقا من نفسه بما يكفي لاجتذاب الأرواح الجريحة أو التائهة التي تبحث عن اليقين وعن متنفس لغضبها. مثل بعض الطفيليات، لا يستطيع العولقي أن يوجد فريسته بنفسه. عليه أن ينتظر أن يوفر الآخرون الفرص له، وهي حتى الآن محدودة ومتفرقة –شاب مضطرب هنا، وجندي مختل هناك.

من ناحية أخرى فإن الإسلاموفوبيا، إذا لم تتم السيطرة عليها، قد تؤدي إلى إيجاد حواجز أمام اندماج المسلمين في المجتمع الأميركي، وتزيد من عزلتهم، خاصة بين المسلمين الشباب. مثل هذا الموقف لا يضر فقط بإحدى أسس الديموقراطية في الولايات المتحدة، لكنه سيوسع بسرعة المساحة التي يستغلها المتطرفون لتجنيد أفراد جدد في المستقبل.

لقد قلت دائما إن أميركا مختلفة، في المفهوم والواقع، عن حلفائها الأوروبيين. الجيل الثالث من الأكراد في ألمانيا، ومن الباكستانيين في بريطانيا، ومن الجزائريين في فرنسا، على سبيل المثال، قد ينجحون في الحصول على الجنسية، لكنهم لا يصبحون ألمانا، بريطانيين، أو فرنسيين. العام الماضي، ناظرت مسؤولة في الحكومة الألمانية حول هذه القضية. كانت تشير دائما إلى "المهاجرين" –وهو مصطلح استخدمته لوصف جميع الذين ينحدرون من أصول تركية، يعيشون في بلادها، بغض النظر عن الفترة التي قضوها هناك. وبشكل مماثل، بعد الانتخابات الأخيرة، علقت صحيفة بريطانية معروفة على "عدد المهاجرين" الذين فازوا بمقاعد –دون ملاحظة أن العديد من هؤلاء "المهاجرين" كانوا مواطنين من الجيل الثالث.

أميركا تفخر بأنها مختلفة. أن يكون المرء "أميركيا" ليس معناه الانتماء إلى أصول إثنية معينة، ولا تُعرف أي مجموعة إثنية هوية "أميركا". المهاجرون الجدد لا يصبحون مواطنين فقط، لكنهم يحصلون أيضا على هوية جديدة. أكثر من هذا، فيما تصبح جماعات جديدة أميركية وتتغير –تتغير أيضا فكرة "أميركا" نفسها لاحتضان هذه الثقافات الجديدة. هذا يُعرف ليس فقط التجربة الأميركية، ولكن طريقة تعريف المواطن الأميركي أيضا. عندما يتعلم أبناء المهاجرين في أوروبا التاريخ الفرنسي، الألماني، أو البريطاني، فإنهم يتعلمون تاريخ "مضيفيهم". في الولايات المتحدة، منذ البداية، يتعلم المهاجرون أن هذه حكايتهم الجديدة، وأنها تشملهم جميعا منذ البداية.

ولأن المهاجرين الجدد والجاليات الإثنية والدينية المختلفة وجدوا مكانهم ضمن التيار الرئيسي في الولايات المتحدة، استطاع البلد أن يستمر ويزدهر خلال القرن الماضي رغم الحروب العالمية والمشاكل الاقتصادية مع نوبات من الصراعات الداخلية. خلال هذا الوقت كان على الولايات المتحدة أن تتعامل مع حركات معادية للسود، معادية للآسيويين، معادية للكاثوليك، معادية لليهود، معادية للمهاجرين، معادية لليابانيين. بعد أن تسببت هذه المحاولات في الألم في كل مرة، خسرت جميعها في النهاية.

كانوا يخسرون، لكنهم لم يكونوا يختفون في كل مرة. ظاهرة رهاب الإسلام، أو الخوف غير المبرر من الإسلام (الإسلاموفوبيا) التي نشهدها حاليا هي آخر حملة يقوم بها متعصبون لتمزيق نسيج أميركا. نحن نعرف الجماعات التي تعمل على نشر هذه الظاهرة وتشجيعها. في المقام الأول، هناك التيار اليميني الممول بشكل جيد ويضم جماعات وأفرادا لهم تاريخ معروف بالعداء للعرب والإسلام. بعض الأشخاص المرتبطين بهذه النشاطات تم إعطاؤهم شرعية على أنهم كتاب حول "الإرهاب"، "التطرف"، أو "الأمن القومي"، رغم تحيزهم الواضح ضد العرب والمسلمين.

خلال السنتين الماضيتين، شهدنا زيادة كبيرة في نشاط هؤلاء المتعصبين. وما يثير القلق أن بعض السياسيين البارزين وبعض عناصر الحزب الجمهوري تبنوا أفكارهم وقضيتهم، مما أدى إلى انتقال موجة الإسلاموفوبيا إلى قاعدة الحزب الجمهوري. وقد بينت استطلاعات الرأي أن 54% من الديموقراطيين لديهم مواقف إيجابية من المسلمين، بينما أن 34% منهم ليس لديهم مثل هذا الموقف. بين الجمهوريين، تبين الأرقام أن 12% فقط لديهم نظرة إيجابية عن المسلمين، بينما يقول 85% أن لديهم نظرة سلبية عن المسلمين. بالإضافة إلى هذا، يعتقد 74% من الجمهوريين أن "الإسلام يعلم الكراهية" ويعتقد 60% أن "المسلمين يميلون للتعصب الديني".

الخطر هنا هو أن هذه القضية أصبحت حزبية وبإمكانها في بعض الأحيان أن تكسب بعض الأصوات في الانتخابات لصالح الجمهوريين، لذلك فإنها لن تختفي خلال فترة قصيرة. وكلما طالت فترة معاناتنا من هذا التعصب ومظاهر عدم التسامح التي يفرزها، طالت الفترة التي يشعر خلالها المسلمون الشباب أن الحلم الأميركي لا يشملهم، وسيشعرون أنهم غرباء في بلادهم.

هذا القلق هو الذي جعل عددا من الجماعات متعددة الأديان وتحالفا من المنظمات الإثنية المختلفة والحقوق المدنية يعارضون جلسة الاستماع التي تبناها عضو الكونجرس بيتر كينج والتي سوف تعالج تطرف المسلمين الأميركيين. هم يعلمون، من تصريحات سابقة أدلى بها كينج، أن له مواقف شخصية معادية للمسلمين الأميركيين. كما يعلمون أن ما يفعله كينج سيفاقم الجرح ويزيد مخاوف وهموم المسلمين الشباب.

ما يجب أن يعرفوه أيضا أن كينج وزملاءه، من خلال استهداف الدين بهذه الطريقة، يفتحون الباب نحو زيادة العزلة والتطرف المستقبلي. لا بد أن العولقي يبتسم داخل كهفه.