أمسينا ننام على خطأ طبي ونستيقظ على آخر. قبل أيام قليلة قرأت عن تشخيص خاطئ تعرض له الإعلامي والشاعر عدنان الدخيل. ذهب إلى المستشفى شاكيا من آلام شديدة في ظهره. لكنه خرج سريعا بعد تشخيص أظهر أنه لا يعاني من أي شيء. خدره كلام الطبيب. اعتقد أن آلامه ستزول سريعا. بيد أنه سرعان ما سقط على الأرض متأثرا بها. تبين له لاحقا أنه كان يعاني من كسر في الحوض. وتفاقم هذا الكسر بعد سقوطه. كما أدى إلى جرح غائر في ظهره مازال ينزف منذ 9 شهور حتى اللحظة دون أن يستطيع الأطباء في مجمع الملك سعود الطبي بالرياض إيقافه، (صحيفة الرياض، 2 مارس 2011).

يرقد الدخيل على السرير منذ نحو 270 يوما محاصرا بالآلام والقروح والعذاب. لا يستطيع الحركة. عاد رضيعا لا يستطيع القيام بأي شيء دون مساعدة أحد. صار أسيرا لسريره كطائر محبوس في قفص بعد أن كان يملأ الأثير شعرا ونثرا بلا انقطاع.

خرج عدنان في برنامج رياضي الأسبوع قبل الماضي مناشدا الوطن أن يساعده، أن ينتشله من هذا السرير وهذا العذاب الطويل.

تألمت كثيرا عندما تصفحت معاناة الدخيل. ووضعت نفسي مكانه. كيف سأصمد أمام هذا الألم. الألم ليس من الجرح النازف فحسب، بل من التقصير الكبير الذي نلحظه في خدماتنا الطبية. من الإهمال الذي تعرض له اليوم عدنان وبالأمس الآلاف. كيف لطبيب متخصص أن لا يكتشف هذا الكسر. إنه كسر في الحوض وليس رضة أو عضة؟

إننا أصبحنا نخاف من مراجعة مستشفياتنا من هول ما نسمع. تشخيصات خاطئة وعمليات ارتجالية جعلت الكثيرين يترددون غير مرة قبل اتخاذ أي قرار. أضحينا نراجع غير مستشفى لنحصل على آراء مختلفة وقبل استخدام أي دواء أو عند إجراء أي عملية ولو بسيطة.

نزفت كون هذا ما حدث للإعلامي الدخيل، الذي نعرفه ونعرف صوته جيدا. فماذا عن من لا صوت لهم، من لا نعرفهم؟

الحزن الأكبر يكمن في النداء الذي وجهه عدنان. فهل نحن بحاجة لأن نناشد في كل مرة نتعرض فيها لجرح أو ألم. أليس العلاج من أبسط حقوقنا سواء داخليا أو خارجيا؟.

إذا كان عدنان استطاع أن يجمع شتات صوته ويتحدث أمام الملأ، فغيره لا يستطيعون. أتساءل: أين يذهبون، ماذا يفعلون؟.

أكثر ما يوجعني هو أن أستقبل ككاتب رسائل من مواطنين ومواطنات يأملون في الحصول على علاج وأحيانا مجرد دواء. لو وجد هؤلاء قنوات صحية تحقق مطالبهم وتستجيب لهم لما بعثوا إلى الإعلام همومهم ومعاناتهم.

ثمة شعور يقطن الكثير من المرضى بأن الحل الناجع للحصول على علاج هو من خلال الإعلام. هذا الشعور لم يأت من فراغ بل نتيجة كون الكثير من الحالات وجدت تجاوبا إثر طرحها إعلاميا. لم لا يأتي هذا التفاعل دون الإعلام؟. أليس من واجبات وزارتنا الكريمة العناية بصحتنا والسهر على راحتنا؟!.

لم أقرأ في أي صحيفة أو قناة أجنبية نداء للمسؤولين للحصول على سرير أو دواء. لكن قرأت عن تعويضات ومحاكمات علنية يحصل في نهايتها المتضررون على تعويضات مناسبة تساعدهم ولو قليلا على تجاوز ظروفهم الصحية والنفسية نتيجة الأخطاء التي تعرضوا لها.

الأسبوع الماضي فقط قرأت خبرا صغيرا جدا في صحيفة بريطانية عن حصول البريطاني مارك ملكيين، على تعويض يقدر بـ347 ألف جنيه إسترليني، ما يعادل أكثر من مليوني ريال سعودي إثر خطأ في تشخيص علاج قدمه.

جميعنا يستحق العناية الصحية اللائقة دون حاجة لتقبيل أنف أحد أو التوسل لأحد. دون الحاجة لـ"تكفون طلبتكم" أو مرادفاتها. كفانا الله وإياكم شر المرض والسؤال.