الصور الجماهيرية (الوطنية) التي رسمها المدرجان الأزرق والأصفر في مواجهة الهلال والنصر أمس جاءت لتختزل اللحمة الوطنية في أجمل صورها، بعد أن اكتست مدرجات إستاد الملك فهد الدولي بشعار (الوطن) في أندر المواقف الجماهيرية التي تجمع بين قطبين متنافسين، وأتت اللحمة برسالة للمجتمع بأسره عن دور الرياضة في توحيد المجتمع، وفي جعلها إحدى الوسائل المشجعة لتماسك شباب الوطن إلى جانب الوسائل الثقافية والإعلامية الأخرى.
لقد رسمت جماهير النصر والهلال ولاعبو الفريقين أصدق تعابير الوفاء للقيادة السعودية، وأجمل صور الترابط بين أفراد هذا المجتمع، رغم أن المواجهة جاءت بين ندين تقليديين وفي سباق محموم على الإنجازات بين جارين شهدت ساحتهما على مدار خمسة العقود الماضية (كر وفر) وبين حراك وجدال طويلين كادا أن يصلا إلى درجة غليان معركة (داحس والغبراء)، إلا أنهما أذابا ذلك حينما احتاج الوطن إلى تماسكهما وتقاربهما، فانصهر ما بينهما في قالب حب الوطن والالتفاف حول خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز وحكومته الرشيدة.
تفاعلٌ أمس، من كافة الأطراف الرياضية؛ بالرغم من محدودية الزمان والمكان، كشف حال السعوديون ومدى حبهم وولائهم لوطنهم وقيادته التي تنطلق من دوافع دينية في لزوم طاعة ولي الأمر.
جميل أن يرسم شباب وطننا مثل هذه الصور التعبيرية، التي هي كامنة في وجدان كل من يعيش على سطح هذه الأرض الطاهرة، في موقف تكرر في مباراة الغريمين الجارين الآخرين، الاتحاد والأهلي، وكذلك في لقاء الاتحاد وبيروزي الإيراني الأربعاء الماضي بأبطال آسيا، عندما رددت جماهيره السلام الملكي السعودي قبل المباراة، فكان ذلك بمثابة مدعاة إلى أن نقول لكل من يريد التطاول على هذه البلاد والمساس بوحدتها الوطنية (موتوا بغيظكم).
صحيح إننا نختلف ونزعل ونسخط، شأننا شأن غيرنا من الشعوب؛ لكننا دائماً ما نتفق على الوقوف في وجه كل من يريد أن يسيس مصالحه وأهداف الأعداء، بالطريقة التي تقوم على العنف وبالحركات (الاستعباطية) التي لا تتفق مع تعاليم الإسلام ودستور هذه البلاد.
وستكون نظرتنا تفاؤلية، كما عودنا ولاة الأمر، وستبقى بلادنا آمنة ـ بإذن الله ـ بدينها وقيادتها وشعبها، وبدعوة سيدنا إبراهيم "رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات".