لدينا الآن المنتخبات التي تأهلت إلى دور الستة عشر في بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، مجموعة صغيرة من الحقائق ومجموعة أكبر من الشكوك، ورغم أنه من المؤكد أن هذه الشكوك موجودة، القليل منها يمكن تحليله الآن. أمامنا بطولة كأس عالم انتهت مرحلتها الأولى، رأينا مؤشرات وأحداث تستحق الذكر، رأينا المنتخب البرازيلي على سبيل المثال يستخدم خططاً دفاعية، لكنه يستخدم مهاراته الفطرية ويفرض أداءه الجماعي على منافسيه وهو ما يجعله فريقاً جيداً، ولكنه فريق لا يتألق كما أنه عرضة للسقوط أمام منافسيه. وفي نفس الوقت، هناك المنتخب الأرجنتيني الذي حظي بمواجهة منافسين أقل في المستوى وفرض وبث، ليس فقط الاحترام، وإنما الخوف في نفوس منافسيه، أصاب منافسيه بالصمت من خلال هجومه الحاد وقدراته ولكنه أقل جماعية في الأداء. ورغم ذلك، يمتلك لاعباً بارزاً هو ميسي الذي صنع الفارق الآن.. إنه يخلق المساحات عندما يمتلك الكرة تحت قدمه فيشكل الخطورة والفوضى (في دفاع المنافس). يمكنه فعل أي شيء وكل شيء. لديه سحر القيام بأشياء ليست متوقعة وكل ما يفعله يمثل تهديداً وخطراً (على المنافسين). منتخب إسبانيا يجب أن يظهر بشكل أوضح.. وما فعله الفريق حقاً أنه في ذروة محنته، دافع عن طريقة لعبه الخاصة وهي استراتيجية يمكنها إثارة المشجعين وكسب تعاطفهم حتى عندما يخسر الفريق وهو ما حدث تماماً في مباراة الفريق الأولى بالبطولة. ولم يضع المنتخب الألماني في حساباته ما كان مطلوباً وتطور عما كان في البداية. ولكنه قدم نفس العروض المباشرة التي يشهد عليها تاريخه وأسلوبه خاصة من أوزيل ومولر اللذين لا يستطيعان الإخلال بتوازن منافسيهم وإحداث الفوضى في صفوف منافسيهم ويتسمان دائما بالثقة في مهاراتهم خلال المباراة. وفي المقابل، سيكون على المنتخب الإنجليزي أن يتطلع لمعجزة حتى يصبح كياناً قادراً على المنافسة، على اللاعبين ألا يرتدوا فقط قمصان اللعب الخاصة بمنتخب بلادهم ولكن عليهم أن يتفهموا المباراة، وصل الفريق إلى دور الـ16 بقدر هائل من الحظ. إنجلترا لديها اللاعبون وما لا تمتلكه هو الفكر. المكسيك دفعت (في هذه البطولة) بأفضل منتخب لها من حيث الانسيابية في الأداء. إذا وضعنا في الاعتبار آخر مشاركاتها في كأس العالم. إنها المقومات السرية لكرة القدم، التي يمتلكها الفريق، هي التي تسمح للفريق بالاستمرار في التقدم للأمام.ويقدم المنتخب الهولندي، بنبل الماضي، كرة قدم مرصعة بالمهارات الجيدة والخطط المتميزة والقيادة الساحرة المتمثلة في شنايدر حيث يمثل الفريق بعض النماذج للكرة الجماعية وقد يظل مرشحاً لإحراز الألقاب في ظل عودة روبن إلى صفوف الفريق بعدما غاب هذا اللاعب الخطير الذي يتمتع بمراوغاته وتسديداته الخطيرة عن صفوف الفريق في مباراتيه الأوليين بالبطولة للإصابة. أما منتخبات اليابان وغانا وباراجواي وأوروجواي وكوريا الجنوبية وسلوفاكيا والولايات المتحدة فتحاول التخلص من دور أبطال الروايات وأن تترك بصمتها. ولكنها الآن تمثل فقط عقبة في الطريق إلى كأس العالم. ويبدو المنتخب البرتغالي في موقف مشابه حيث يبدو دائماً كما لو كان قادراً على التقدم ولكنه الآن لديه الفرصة على التنفيذ. التطور يكون ممكناً دائماً بالطبع ولكنه غير مؤكد، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بشيء جديد سيحدث، ولكنه ليس شيئاً جيداً. الشيء غير المتوقع.. هو المنتخب الإيطالي وانهياره وهو ما كان واضحاً في كأس العالم الماضية والتي، للمفارقة الغريبة، فاز الفريق بلقبها بعد التغلب على المنتخب الفرنسي. بلد ذو طابع بطولي وابتكاري وفني كانت لديه المقومات لإعادة تشكيل تاريخه الكروي لو أمكنه فقط تعديل صورته التفكيرية وتشجيع اللاعبين الجيدين والحفاظ عليهم. المنتخب الإيطالي يحتاج للتفكير في عظمة اللاعبين السابقين مثل مالديني وباريزي ودل بييرو وتوتي وكاوسيو وأنطونيوني وبيتيجا. طريق العودة سيكون صعباً.يقال إن إدراك الحقائق يعتمد على تفسير الحقائق المشابهة. لم نشاهد حتى الآن سوى القليل من كرة القدم الرائعة والقليل من الشخصيات البارزة والقليل من اللاعبين الرائعين. ليست هناك مفاجآت. أخص بالذكـر الآن لاعبين اثنين لم ينالا التقدير اللائق بهـما بسبب المركز الـذي يلعبــان فيه وهما فيليب لام وجيرارد بيكيه حيث يمثل كل منهما أفضل مدافع رأيته منذ اعتزال بيكنباور.