في مشهد من فيلم مصري دخل الضابط على مجموعة يتعاطون المخدرات وبلهجة صارمة طلب منهم رفع أيديهم فما كان من "أحمد بدير" وهو أحد المتهمين وبحركة كوميدية إلا أن انتفض واقفا وحيا الضابط وكأنه من رجاله قائلاً "تماما يافندم". المشهد كان مضحكا خاصة وأن الضابط زجره ودفعه ليقف مع المتهمين.

هذا المشهد ذكرني بما يحدث الآن مع غليان العالم العربي فبعد سقوط حكومة تونس ثم مصر وها هي ليبيا تترنح في مشهد دموي محزن نرجو أن ينتهي قريبا. في هذا المشهد صارت البنوك العالمية تتبارى في الكشف عن ثروات هؤلاء وتهدد بتجميد أرصدتهم وكأنها كانت غافلة عن مصادر ثرواتهم من قبل. أما المنظمات العالمية وحكومات الدول الكبرى كالولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي فقامت بالشجب والندب لصالح الشعوب وكأنها كانت غافلة عما يحدث من قبل وكأنها بصمتها سابقا ودعمها المالي لم تكن شريكة في الجرم.

فعائشة القذافي الابنة المدللة للدكتاتور الذي جلس على أنفاس الشعب 42 عاما، منحت من قبل الأمم المتحدة التي تتبجح علينا بمواثيقها شرف سفيرة النوايا الحسنة، هذه المرأة التي تربت في قصور طاغية من أموال الشعب، وكانت محامية لطاغية آخر هو صدام حسين الذي قتل شعبه، تصبح سفيرة النوايا الحسنة؟!

أما عقيلة رئيس مصر المخلوع فقد حصلت على أرفع الجوائز من منظمات كاليونيسيف والصحة العالمية لجهدها في رفع مستوى حياة المواطن والأطفال بالذات مع العلم أن في شوارع القاهرة حسب تقارير نفس المؤسسات ما يقرب من مليوني طفل شارع افترشوا الأرض والتحفوا السماء وهي السيدة الثرية جدا.

هذا الموقف البراجماتي لا يجب أن يمر مرور الكرام فليس الرئيس الفاسد وبطانته فقط من يخضعون للمحاسبة، بل يجب أن يطال الحساب كل مؤسسة إنسانية أو نقدية ساهمت في تعزيز مكانة هؤلاء الناس أو ساهمت في حفظ وتدوير أموالهم، بل ويجب أن يتم استرجاع كل دولار أنتجه هذا البنك أو تلك المؤسسة المالية من أموال الشعوب المنهوبة، وإلا سيصبح الحال مثل حال قانون الدعارة في مصر، فمن يقبض عليها تمارس الدعارة تكون هي المجرمة، أما شريكها (الزبون) فهو ليس إلا مجرد شاهد على الجريمة!.