مؤمن تماما أن الصحافة السعودية اليوم تتصدى لمهمة رقابية إصلاحية كبيرة.. ولها فضل كبير في دفع مسيرة التنمية في بلادنا سواء عبر الرأي والتحليل أو الخبر أو التحقيق الصحفي.. بل حتى الصورة والكاريكاتير، لهما إسهامات مؤثرة في هذا المجال..
كثير وكثير جدا من الملفات الساخنة والقضايا الشائكة لم يكن لتتم معالجتها لولا تدخل الصحافة السريع ومتابعتها الجادة..
والذين يقللون من قيمة الصحافة السعودية.. واحد من اثنين.. إما أنهم لا يفقهون الواقع من حولهم ويعيشون بمعزل عن المجتمع.. وإما أنهم من الذين تصدت لهم هذه الصحافة فقطعت الطريق على الكثير من ممارساتهم وسلوكياتهم.
أمس وأول من أمس قرأت ـ كمثال ـ متابعة "الوطن" لقصة "فتاة غليل"..
السؤال الآن: لنفترض جدلا أن "الوطن" لم تنشر المادة الصحفية الخاصة بفتاة "غليل" هل كانت الفتاة ستبقى رهن المعاناة؟ ـ إلى حد كبير نعم.. فالحالة ليست وليدة اللحظة.. مدة طويلة والفتاة رهن المعاناة والعذاب.
إذن دعونا نعد طرح السؤال بصيغة أخرى: هل أصبح كل مواطن ومواطنة بحاجة لمحرر صحفي أو محررة صحفية لتكشف معاناته وتسلط الضوء عليها وتنقلها للمسؤولين؟ فإن كانت الإجابة نعم، فما هو دور مؤسسات الحكومة طالما أن كل هذه الأدوار أصبحت منوطة بالصحافة وحدها؟
فتاة غليل"ـ مثلا ـ كشفت عن رفض الجمعيات الخيرية التفاعل مع مشكلتها.. وكشفت وهذا هو الأهم عن معاناتها مع الأحوال، وكيف أن المسؤول عن الأحوال طردها أكثر مرة ونهرها حتى أغشي عليها أمام مكتبه!
اليوم ـ يا حمرة الخجل ـ جميع هذه المؤسسات ستفتح ملف الفتاة وتبدأ في حل المشكلة..! هذا جانب.. الجانب الأهم : لنفترض جدلا أن سمو أمير المنطقة لم يتجاوب مع الحالة التي نشرتها الصحيفة.. هل كانت المؤسسة المختصة ستلتزم الصمت.. وما هو دور هذه الجهة إن كانت إمارة المنطقة ستكون هي المسؤولة عن هذه الحالات ومتابعتها والتجاوب الفوري معها؟!
هناك أكثر من فتاة وأكثر من "غليل" والعرب تقول "ما خفي أعظم".. ونجاح الصحافة في طرح مثل هذه القضايا يضاعف مسؤوليتها ودورها في عملية الرقابة من جانب والإصلاح من جانب آخر.