هل يمكن اعتبار وصول أستاذ جامعي عمل في جامعة الملك سعود لسنوات طويلة، إلى رأس الوزارة المصرية إشارة لافتة؟ الجواب، نعم، لأن الولاءات الموجبة للمكان، شئنا أم أبينا، تبقى للأوفياء الأسوياء رهناً لدور هذا المكان في تأمين مستقبل الفرد وفي شعوره أنه كان جزءاً من حياته العلمية أوالعملية، وقد سمعت من بعض مجايلي البروفسور عصام شرف وزملائه في كلية الهندسة بجامعة الملك سعود عن حرصه على تمديد إعارته لفترة جديدة حين انتهت فترته السابقة. وقبل عصام شرف كان العراقي غازي الياور طالباً في جامعة الملك فهد وبعده كان عبدالله غول التركي مقيماً للعمل لفترة طويلة في إحدى المؤسسات الإسلامية التي انطلقت بفكرة ودعم من المملكة.
أشدد هنا أن هذه المحاور الثانوية في حياة الفرد ستكون جزءاً من خياراته وقراراته المستقبلية. والسؤال: كيف يمكن للجامعات السعودية المرموقة أن تكون أدوات ربط مع صناع القرار في بلدانهم تماماً مثلما فعلت جامعات الغرب وهي تضمن وصول آلاف – التكنوقراط – من قاعاتها ومعاملها إلى سدة القرارات التنفيذية في بلدانها الأصل؟ والجواب في – عصر العلم – الذي كتبه زويل وحوله عصام شرف إلى مؤسسة أن تطور هذه الجامعات من مستوياتها العلمية وتحديداً في الجانب التقني والعلوم التطبيقية كي تصبح بيئة جاذبة للطالب والمعلم. عصام شرف واحد من ألمع علماء الكون في هندسة النقل وجميل أن نكتشف صدفة أنه كان أستاذاً لدينا في الهندسة المدنية. وفي التخصصات النوعية بالتحديد، فلو أن كل جامعة سعودية حرصت على التعاقد مع أستاذ عربي أو مسلم بحجم عصام شرف، ولو لأستاذ واحد في كل تخصص، ثم أعطت منحة واحدة في كل تخصص لأوائل الطلاب العرب والمسلمين من كل مكان وللنوابغ المتميزين منهم فقط من كل مكان وبمنحة دراسية مجزية لوصلنا إلى هذه الروابط التي تبعث على الارتياح والتطمين مثلما كان في مفاجأة عصام شرف. نحن على النقيض نفعل النقيض: نعطي منحاً ونذهب للتعاقد ولكن بطرق عشوائية تذهب هدراً دون أن تعطي مردودها إلا في حالات نادرة.