التفحيط والاختبارات، باتا أمرين متلازمين في عدد من مدن المملكة وقراها، فما إن يخرج الطلاب من قاعات الامتحان، حتى يدلف عدد منهم لتنفيس طاقته، أو غيظه، عبر السيارة التي يقودها، مبرزا عضلاته، ومستعرضا إمكاناته، والتي تشهد عليها ساحات "التفحيط"، حيث يطلق الطالب العنان لسيارته، لأن تلعب كما تشاء، ودون وعي بخطورة ما يقوم به، الأمر الذي أحدث سلبيات عدة، وصلت لسقوط بعض الطلاب المتجمهرين جرحى، والبعض منهم وافته المنية، نتيجة إصابة خطرة، هذا فضلا عن الخسائر المادية، والأضرار النفسية والمعنوية، في ظاهرة باتت تقلق الأهالي، وكأن قلق الاختبارات وحده لا يكفيهم، ليأتيهم ما يقلقهم أكثر، ويشغل بالهم خوفا على أبنائهم.


غفلة أولياء الأمور

مدير مركز المعلومات والخدمات الإرشادية والمهنية، بإدارة التربية والتعليم في نجران، صالح بن يحيى آل زمانان، وفي تعليق له على الظاهرة، حمل أولياء أمور الطلبة، مسؤولية مراقبة أبنائهم خلال فترة الامتحانات، معتبرا أن "أيام الاختبارات تعتبر من المراحل المهمة في حياة الطالب، من الناحية التحصيلية، وما يفعله بعض أولياء أمور الطلاب من إهمال لفلذات أكبادهم، وعدم متابعة أبنائهم في هذه الأيام يسبب انحراف كثير من الأبناء سلوكيا، بسبب اختلاطهم بقرناء السوء، أو استدراجهم للمشاركة في بعض الظواهر والممارسات السلوكية الضارة، كالمشاجرات الطلابية، أو التفحيط وإزعاج الناس"، وهو في هذا الصدد، يحث أولياء أمور الطلاب على "متابعة أبنائهم عند خروجهم من قاعة الاختبارات، وإيصالهم للمنازل، وعدم السماح لهم بمخالطة أحد نهائيا في هذه الفترة"، مضيفا "لعلنا نطرح تساؤلا للطلاب الذين لا يعودون إلا في وقت متأخر لمنازلهم، وهو: أين كانوا كل هذه الفترة، ومع من وماذا كانوا يفعلون؟". آل زمانان، وبالرغم من تحميله الآباء مسؤولة الالتفات إلى أبنائهم، إلا أنه اعتبر أن موضوع "التفحيط"، أمر مقلق لهم في الإدارة، قائلا "نحن في إدارة التربية والتعليم، يقلقنا هذا الوضع، مما يجعلنا في حالة استنفار تام، في جميع القطاعات التربوية والتعليمية، فيتم التعاون مع شرطة المنطقة، بتوفير عدد من الدوريات الأمنية عند المدارس، لتفريق التجمعات وحفظ النظام".


لجان تفتيش

وفي سبيل الحد من أي نشاط طلابي غير نظامي أثناء فترة الاختبارات، أوضح مدير العلاقات العامة بتعليم نجران، خالد الزكري، أن "مدير التربية والتعليم بنجران، علي بن جابر الشمراني، وجه مديري المدارس بتشكيل لجان لتفتيش الطلاب قبل دخولهم إلى قاعات الاختبارات، لضمان عدم حملهم أي أسلحة أو مواد مخالفة.

كما وجه بعدم التهاون نهائيا من أي مخالفة سلوكية في المدرسة أو محيطها، وتطبيق اللوائح والأنظمة الخاصة بذلك. وقد وجه مرشدي الطلاب بالانتباه إلى الظواهر والتجمعات التي تحدث قبل المشاجرات، أو المشكلات السلوكية، والتي قد تسبب ضررا كبيرا على الطالب أو المجتمع، وإبلاغ الإدارة فورا، أو الجهات الأمنية المختصة". ولفت الزكري إلى أن "هناك تنسيقا بين إدارة التعليم والجهات الأمنية في المنطقة، لجعل الاختبارات تسير بكل طمأنينة ويسر".



تضافر الجهود

من جهته، قال النقيب مشبب بن حسين الوادعي، إنه "لو استشعر ولي أمر كل طالب، الأمانة الملقاة على عاتقه، برعاية أبنائه، والانتباه الدائم لهم، وبسط يد التعاون مع المدرسة والأجهزة الأمنية، لاختفت هذه الظواهر مطلقا". مشيرا إلى أن أيام الاختبارات تمثل "هاجسا كبيرا لأولياء الأمور، والأمهات، والمعلمين، وكافة منسوبي وزارة التربية والتعليم، ورجال الأمن من المرور والشرطة، ودوريات الأمن وإدارة مكافحة المخدرات. والأمر يتطلب تضافر الجهود من الجميع، حتى لا نسمع أو نقرأ خلال الأيام المقبلة، عن وفاة طالب نتيجة تفحيط أمام المدارس، أو تورط آخرين في تعاطي المخدرات، أو دخول آخرين للمستشفيات، إثر مضاربة جماعية بالأسحلة، نتيجة تجولهم في فسحة الاختبارات خارج المدرسة".

الوادعي اعتبر أن "للمنزل دورا كبيرا في ذلك، فعلى الوالدين أن يعرفا موعد خروج الأبناء من المدرسة، وحثهم على الرجوع إلى المنزل، وسؤالهم عند التأخر. إضافة إلى ذلك فإن لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دورا كبيرا في متابعة الطلاب وتجمعاتهم أمام المدارس، وخصوصا مدارس البنات، خلال تلك الفترة، وضبط المروجين والمعاكسين، الذين يريدون أن يفتكوا بالأسر، ويدمروا المجتمعات الأسرية المترابطة".

فراغ كبير

"الوطن"، وخلال رصدها لظاهرة "التفحـيط" أثناء فترة الامتحانات، التقت عددا من طلاب المرحلـة الثانوية، من بينـهم فهد سعيد القحطاني، وحمد علي اليامي، ومسفر الصقور، وجميـعهم أكدوا أن فترة الامتحانات تعتبر من "أخطـر الفترات على الطالب، نتيجة للفـراغ الكبير الذي يجده بعد أداء الامتحـان، فيقوم خلالها بأمور كثير، منها التدخين، والذهاب إلى المقاهي، والتفحيط، وإركاب زملائه، وسرقة السيارات، والتعاطي للمخدرات، دون مراقبة من أهله، ودون مراقبة الجهات الأمنية ذات العلاقة"، وهي سلوكيات يقوم بها بعض الطلبة وليس جميعهم بالتأكيد، إلا أن "هذا البعض، قد يؤثر على شريحة أكبر، مما يوسع دائرة المتأثرين".





استنفار أمني

استنفار أمني واسع من الجهات المختصة، والتي وضعت خططها، حيث تم تكثيف الدوريات المرورية حول المدارس والجامعات والكليات والمعاهد، وانتشار أفراد مكافحة المخدرات ورجال الهيئة، الذين تجدهم متأهبين لرصد المخالفين أثناء فترة الاختبارات. وفي هذا الصدد، قال لـ"الوطن" مدير مرور نجران، العقيد علي بن سعد آل هطيلة، إن "المرور سيعمل على إبداء الحزم وعدم التساهل مع المفحطين، وستصدر بحقهم أشد العقوبات، حسب الأنظمة المعمول بها، من حجز المركبات، والسجن، وغيرها"، مطالبا الجميع بـ"التعاون مع المرور، والإبلاغ عن المفحطين، ليتم القبض عليهم، حتى لا يحدث شيء لا تُحمد عقباه".


المتابعة ضرورية

ولتخفيف المشكلات المصاحبة للاختبارات، وإبعاد الطلاب عن أجواء "التفحيط"، يرى عميد الدراسات العليا بـ"جامعة نجران"، الدكتور محمد بن علي الشهري، أن الدور الأكبر يقع على الأسرة، فـ"لابد أن يتابع الأب ابنه دائما، وخصوصا فترة الاختبارات، لخطورتها على الطلاب، وما يصاحبها من حوادث ومشاكل جسيمة لا يحمد عقباها. وكثيرا من نقرأ ونسمع في وسائل الإعلام المختلفة عن تلك الحوادث، في وقت الاختبارات كل عام". مشددا على ضرورة أن "يحصل الأب على جدول ابنه الخاص بالاختبارات، وأن يتابع عودته إلى المنزل، بعد الاختبار مباشرة، وعدم الذهاب مع زملائه إلى أماكن تجمعات الشباب"، معتبرا أنه "لو قامت الأسرة بمتابعة الابن متابعة دقيقة وقت الاختبارات، لقلت المشاكل، وقلت التجمعات الشبابية، وحافظنا على أبنائنا".