يا الله...!. كيف نشوه بأيدينا معلماً مهماً من معالم الحضارة والتقدم والرقي؟!. ولماذا كلما انتظرنا حدثاً ثقافياً كبيراً ترصدنا حدثٌ كبيرٌ من الجهل والتخلف يحاول أن يشدنا إلى الوراء عقوداً طويلة؟!، وهل إلى هذا الحد يجهل بعضنا أن الظلام وإن كان كثيفاً لا يستطيع أن يطفئ شمعة؟!.

إن ما حدث في معرض الرياض الدولي للكتاب أول من أمس شيء لا يصدقه عقل، بل شيء لا يصدر أبداً أبداً عن عقل أو حكمة أو منطق، إلاّ كان هذا المنطق يقول وبكل صراحة بتحريم العلم والمعرفة، وهو – إن كان كذلك – منطق أعوج، منطق الذين يعيشون خارج أسوار الحياة!.

أشخاص يهاجمون المعرض، ويتهجمون على لجانه الإعلامية، وعلى وزير الثقافة والإعلام، ويتوعدون بالمزيد!، لماذا كل هذا؟!، إن معرض الكتاب هو سوق للفكر، للعلم، للمعرفة، للثقافة، وليس سوقاً للمخدرات، أو ملهى ليلياً يستنزف العقول والأجساد والأموال، فلماذا يحدث ما حدث، ولمصلحة من يراد تجهيل هذا الشعب وفصله عن حقه في الاطلاع على الثقافات المتعددة والطروحات الفكرية المغايرة، حتى لو سلمنا جدلاً بأن بعض هذه الطروحات لا تتفق مع طروحاتنا؟!. ولو سلمنا جدلاً مرة أخرى بأن بعض الكتب في المعرض تطرح أفكاراً لا ترضينا، أو حتى أفكاراً معادية – كما يرى بعض الذين يتشددون علينا فقط – أليس من حق الناس أن يطلعوا عليها ويعلموها حتى يأمنوا أهلها؟!.

إننا في عالم السموات المفتوحة، عالم هو غرفة صغيرة، يستطيع فيها الكل أن يرى الكل، وما ليس متاحاً في معرض الكتاب – أي معرض – هو متاح للجميع على الشبكة العنكبوتية، فلماذا كل هذه الضجة المفتعلة والمصطنعة؟!.

أعتقد أننا في حاجة ماسة إلى تنقية عقولنا وضمائرنا ونفوسنا، حتى نعي بحق أننا نعيش في عالم نحن جزء فاعل فيه، لا جزءاً يريد له البعض أن ينغلق على ذاته، وأن يتقوقع في زاوية معتمة من زوايا التاريخ!.

ثم من قال إن لكل أحد – بلا صفة – أن يحكم ويتحكم في الناس على هواه، وأن يحلل ويحرم حسب أهوائه الضيقة؟!، وأن يلجأ إلى أساليب أكل الدهر عليها وشرب وربما...، وما بالنا بمن يريد السطو على حضارة شعب وأن يفرض الوصاية على أبنائه، وكأنه الحاكم بأمره؟!.

على كل حال، فإن ما حدث في معرض الرياض الدولي للكتاب، هو محاولة يائسة لإطفاء شمعة العلم والمعرفة، ولا أعتقد مرة أخرى أن ظلاماً – مهما كان – يستطيع أن يطفئ شمعة!.