اعتاد المنظرون وفقهاء الشؤون السياسية والقانونية والمالية والاقتصادية طوال الحقبة الماضية الحديث عن الزواج البشع وغير الشرعي ما بين النخب السياسية والنخب المالية، وهو ما نجم عنه مولود غير شرعي نما وترعرع في "الجزء الخاطئ من البطانية" كما يقول المثل الإنجليزي، تمثل بالعدد المربك للعاطلين عن العمل، وتغلغل الفساد واستشرائه في المؤسسات.
تلك الزيجة، كانت حديث الصالونات السياسية والاجتماعية النخبوية والشعبية على حد سواء، وكانت كما يقال في القاموس الإعلامي، أحاديث جلسات تنتهي بمجرد انفضاض الجلسة، أما وبعد ثورة الياسمين التونسية وثورة ميدان التحرير المصرية، وما يجري الآن في الأراضي الليبية، فقد بدأ المتابع يشهد ما يمكن وصفه بزواج جديد ركناه هذه المرة، الفن والسياسة.
فقد شمر كل المخرجين والفنانين والمطربين عن سواعدهم، وسعوا جاهدين للاستفادة من هذه الثورات الشعبية، من أجل طرح ألبوم غنائي أو إنتاج وتصوير فيلم قصير أو سلسلة درامية ثلاثينية، تصور هذه الأحداث، وتسلط الضوء على رموزها وأبطالها وتفاصيلها واللحظات ما قبل الأخيرة لسقوط رموز النظام في تلك الدول.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل إن بعض الوجوه الفنية، باتت تنظر في السياسة وتعبر عن رأيها بشأن من يحق له تولي الحكم ومن عليه أن يرحل ومن يصلح للمرحلة المقبلة، حيث أكد المخرج المصري خالد يوسف في تصريح صحفي أنه ليس ضد ترشح الإخوان المسلمين للرئاسة، مؤكداً أن الرئيس المصري المقبل لن يكون عسكرياً.
تصريح خالد يوسف ليس الوحيد، وسبقه الكثير من التصريحات التي أدلى بها نجوم وفنانون يدركون حجم التأثير الإعلامي لتصريحاتهم، وحجم ما يتمتعون به من جماهيرية طاغية، ولربما يتبعه الكثير من التصريحات المشابهة، وهو ما يقودنا إلى سؤال بريء، وهو: هل تشهد المرحلة المقبلة زواجا من نوع جديد ما بين السياسة وأهل الفن؟. والعبرة ليست في السؤال، بقدر ما هي دعوة للتحذير من عدم السماح بهذا الزواج، تحت أي ظرف. فالسياسي لا يجب إلا أن يكون سياسياً، والفنان يجب ألا يكون إلا فناناً، كما التاجر يجب أن يكون فقط تاجراً.