في زمن الفضاءات المفتوحة والإعلام الجديد؛ لاشك أن الدعاية الأقوى التي تحصل عليها – ومجانا - قناة ما أو موقع إلكتروني هو إسدال براقع الحجب أو ستائر التشويش! فالممنوع أكثر من مرغوب ومطلوب، والحجب يرفع من أسهم القناة ويكسبها شرعية (الفرجة) الشعبية، ويساهم في رواجها وتعزيز ثقة الجماهير بها ويجعلهم يتهافتون على مشاهدتها، وما أسهل طرق التحايل وكشف المحجوب في زمان (ما بعد) ثورة الاتصالات! وعندما لجأ النظام المصري السابق – بداية - إلى التشويش على قناة الجزيرة ثم تلا ذلك بحجبها تماما على النايل سات، أصبحت القناة لسان الثوار والمتحدثة الرسمية باسمهم ومصدر استقائهم للمعلومات، لترتفع الشاشات الضخمة في ميدان ”التحرير”- رغم أنف التشويش والحجب – لتعرض ”الجزيرة” فقط زاهدة في باقي المحطات. وفي ”ليبيا” لم يعِ ”القذافي” زعيم ثورة ”البارانويا” الهمام الدرس المصري ليكرر القصة بذات التفاصيل، فأصبحت قناة الجزيرة محل ثقة الثوار الأحرار من أحفاد عمر المختار.. وارتفعت الشاشات العريضة ناقلة بث القناة ؛ التي بادرت بعرض ردود أفعال الليبيين الغاضبة على خطابات الهذيان والكوميديا السوداء أولا بأول ومن أمام الشاشات المشاعة في الشوارع، كما شاهدنا في ميدان التحرير من قبل! وعندما أغلق النظام المصري السابق مكتب القناة ومنع مراسليها من التغطية، تحول ميدان التحرير إلى خلية نحل من المراسلين النشطين –تطوعا- للجزيرة، يهمسون لها بأدق التفاصيل ويزودونها حصريا بمقاطع الفيديو! فشاهدنا من خلالها صورا مروعة وغير مسبوقة؛ هزت الوجدان العالمي بأسره من ضمنها تلك السيارة المفترسة وهي تعبر أجساد الناس وتنتهك حرمتها في واحدة من أبشع صور تلفزيون الواقع الجديد وأشدها وقعا على النفوس! فلم يمنع إغلاق المكتب ولا كف يد مراسلي القناة من تقديم تغطية شاملة رغم ضيق ذات اليد من الكاميرات والآليات والتقنيات الناقلة!

في عصر الفضاءات المشرعة الأبواب لا مكان للحجب ولا للرقيب، وأية محاولة لكتم أنفاس قناة أو موقع إلكتروني تعد ضربا من المستحيل، فضلا عن أنها تخدم الوسيلة الإعلامية دعائيا وتروج لها! وأية محاولة للحجر تساهم في تخليق وابتكار وسائل للتحايل وتجاوز المنع، ومن تردد قديم عديم الفعالية إلى آخر جديد.. ومن رابط غشاه ظلام الحجب إلى آخر جديد فعّال أو إلى ”بروكسي” قادر بلمح البصر على إيصالك للموقع.. وتستمر لعبة القط والفأر دون وعي بالواقع الإعلامي الجديد!