في وقت الأحداث، يخرج "المستخبي" كما يقول إخواننا المصريون. وفي أحداث ليبيا خرج ما خفي على الجميع كذلك. الشيخ سلمان العودة، أحترمه كثيراً، وبيني وبينه تواصل من وقت لآخر فيما مضى، لكنني فوجئت بمقطع مرئي للشيخ يمتدح سيف الإسلام معمر القذافي، وفي الوقت الذي كان النقاش فيه مستعرا حول صحة المقطع، ظهر الشيخ ليتحدث عن اتصال ابن القذافي به وحديث الشيخ له في أن ما يفعلونه غير مقبول. السؤال الذي أسأله للعودة دائماً: هل تتراجع عن الماضي؟ فيقول إن الإنسان يتطور وبالتطور يكون هناك تقدم وتغير في أفكاره لكن ذلك لا يعني التخلي عنها. الآن، القذافي وابنه يرتكبان مجازر جماعية، فهل يستطيع العودة أن يقطع علاقته بسيف الإسلام ويتحدث أمام الملأ بذلك؟
محبتنا للشيخ العودة لا تعني ألا نسأل عما يقول. فهو الآن رجل دين أصبح يغوص في الأحداث ويتحدث بالتفاصيل عن أكثر من حدث، ومن الواجب الحديث عن علاقاته السياسية وزياراته المكوكية حول العالم والتي امتدح فيها عدة قادة في مقابلات تلفزيونية مختلفة.
لنتحدث قليلا عن معمر القذافي، وعن التغطية الإعلامية المصاحبة لمظاهرات ليبيا. هنا فقط، اتحدت الجزيرة والعربية وبقية القنوات لتفضح المجزرة التي يقودها ملك ملوك أفريقيا وقائد أمريكا اللاتينية وبقية الدول كما يقول، ومن العجب العجاب أن تصبح المظلة البيضاء والقصر المدمر والمكالمة الهاتفية هي الثلاثي المرح في ظهور القذافي التلفزيوني. هذا الرجل الذي يمتدح قناة الجزيرة فيما سبق أصبح يشتمها ويهددها، ويهدد الجميع. وهنا مربط الفرس، الإعلام رسالة وفي أوقات الأزمات يجب أن يكون مسانداً داعماً بنقل الحقائق أيا كانت وأيا كان مصدرها.
القذافي مرعوب من الإعلام، بعد أن كان يبحث عنه. ويتهم الإعلام العربي بالعمالة. ما يقوله القذافي يقوله مئات وآلاف من العرب، وهو التخوين لمن يفضح سوءاتهم وهنا كان دور القنوات العربية. الإعلام مهما كان محايدا إلا أنه يزأر كالأسد أحيانا، وهذا ما جعل القذافي يشكو أكثر، وإذا تراجع العودة سلمان عن مديحه لسيف الإسلام فسيكون الزئير أكثر تأثيرا والسلام.