من كلمات الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذهبية قوله (الكلمة أمانة لا تقبل أنصاف الحلول، والحرية حق مسؤول لتطهير النفوس)، وتطهير النفوس هنا فيما فهمت تعني البوح بما فيها علنا بالطريقة المسؤولة المحترمة، فالحرية حق للجميع، ومن حق أي أحد أن يعبر عن رأيه وموقفه ومطالبه في حدود المسؤولية والاحترام، وكما قيل ويقال (الصراحة راحة)، والشعب السعودي كما يعلم الجميع محب مقدر لمليكه الجدير بالحب والتقدير وقد تجلت مظاهر ذلك بوضوح خلال الأيام الماضية، وقد توج المليك ذلك الحب والتقدير بحزمة القرارات الثلاثة عشر الداعمة لجوانب معيشية كثيرة في حياة مواطنيه واحتياجاتهم، وهي امتداد طبيعي لما عهده الشعب من قائده، ومع مشاعر الفرح بالعودة الميمونة، وعبارات الشكر والتقدير لقرارات الدعم المعيشي التي ضجت بها مواقع النت وساحاته، فقد ترافق مع ذلك تساؤلات وتطلعات، أما التساؤلات فتتعلق بآلية تطبيق وتنفيذ هذه القرارات، وهي تساؤلات لا تداري خوفها من البيروقراطية المترهلة التي كانت سببا في وأد أو تعثر وتعطيل قرارات ومشاريع مماثلة حتى قال الملك ذات يوم قريب (بعض المشاريع ضائعة وأحس وأسمع من الناس)، وهذا الوضع الذي يتخوف منه المواطنون وقد جربوه واكتووا بناره هو الذي يغذي تطلعاتهم في إصلاحات جذرية تترجم قول الملك حفظه الله (من حقكم علي أن أضرب بالعدل هامة الجور والظلم) وقوله (ليعلم كل مسؤول بأنه مساءل أمام الله ثم أمامي وأمام الشعب)، وتأسيسا على هذه الرؤية الإصلاحية المتوثبة للمليك رعاه الله، وتلك التطلعات المشروعة المتنامية الملحة لمواطنيه، فقد كتبت يوم الأربعاء الماضي ما يتضمن جوانب من تلك التطلعات، إذ قلت (ولأن عملية الإصلاح والتنمية عملية مستمرة تبدأ ولا تنتهي، والتطلعات حولها تتنامى وتكبر فإن الشعب السعودي المحب لمليكه وقائده يرى فيما تحقق في بداية الحوار الوطني وصدور نظام البيعة، وما حدث من إنجازات تنموية نوعية، يرون في كل ذلك مقدمات رائعة لتواصل مشروع الإصلاح السياسي والإداري والتنموي. ولعل جولة على مواقع النت التي أشرت إليها أعلاه، وهي تعبر عن مشاعر الفرح والغبطة بعودة المليك، يمكن من خلالها قراءة تلك التطلعات الإصلاحية المنتظرة التي يؤمل أن تمتد إلى إعادة الحوار الوطني إلى سيرته الطبيعية وهدفه الأول، وتطوير نظام مجلس الشورى بالمزيد من الصلاحيات وآلية انتخاب أعضائه أو نصفهم ليكون مجلسا فعليا للتشريع والرقابة، ومثل ذلك نظام مجالس المناطق الذي من الضروري أن يتيح للمناطق فاعلية وصلاحية في تنمية وتطوير ذاتها بعيدا عن البيروقراطية الحالية المترهلة، إضافة إلى أنظمة رقابية فاعلة في كبح جماح الفساد الإداري والمالي الذي كانت كارثتا مدينة جدة إحدى تجلياته الصادمة، ولعل فيما ينتظر من قرارات حول مكافحة هذا الفساد بصفة عامة شاملة ما يفتح الباب لمعالجة هموم اجتماعية وشعبية كثيرة سواء على مستوى حقوق الإنسان وتطبيق واحترام الأنظمة الموجودة وإضافة ما يعززها، أو على مستوى الحياة المعيشية للمواطنين وما تعنيه من تطوير أو تغيير أنظمة التوظيف وسلالم الرواتب، وتحقيق معادلة مستوى الدخل مع غلاء المعيشة سكنا وطعاما وملبسا وعلاجا، والنظر إلى البطالة من واقع وطن ينعم بالخيرات والفرص التي لا بد أن تشمل هؤلاء الشباب المنتظرين للعمل من الجنسين والمتطلعين إلى مستقبل تحفه الطمأنينة التي تقوم على أنظمة فاعلة طويلة الأمد للحقوق والواجبات)، واليوم لن أضيف جديدا إذا قلت إن الشعب واثق من تحقيق هذه التطلعات الإصلاحية وأكثر منها وأشمل على يدي مليكه الذي قال وكرر (الوطن للجميع ومعيار كل منا على قدر عطائه وإخلاصه)، حفظ الله الوطن وقيادته وشعبه من كل مكروه.