بالنسبة لي، سأختار الأمر الملكي باستحداث 1200 وظيفة رقابية كأعلى رأس الهرم أهمية من حيث الأثر الآني والمستقبلي للقرارات الملكية الأخيرة. وكلي أمل ورجاء ألا ترتبط هذه الوظائف الجوهرية بما هو موجود في الأصل من دوائر الرقابة المختلفة مثل المباحث الإدارية أو ديوان المراقبة أو المراقبين الماليين في المناطق أو في دوائر الدولة. أتمنى وجود هيئة جديدة للرقابة العليا على المال العام وعلى المشاريع وأن يتم توزيع الرقم المستحدث لوظائف الرقابة الجديدة على كل المناطق وأن يسند لأمير كل منطقة اختيار 90 مواطناً من المشهود لهم بالنزاهة والاستقامة ثم تناط بكل مجموعة في كل منطقة متابعة المشاريع وأن – تشم – روائح الفساد العام وأن تكون لجنة محاسبية حقيقية ترفع لولي الأمر أو من يمثله من الأمراء في المناطق المختلفة تقريرها الشهري الصريح الواضح. أن تفضح في هذا التقرير كل مسؤول تعوزه الكفاءة المطلوبة وأن تفضح المحاباة في الترشيح للوظائف الحكومية في الإدارات المختلفة وأن تتابع جودة المشاريع وأن يكون لها الصلاحية في تقدير احتياجات المواطنين المختلفة حسب الأولوية وأن تسحب المشاريع المتعثرة وتضع المقاول المستهتر في القائمة السوداء وأن تحاسب كل نافذة مشبوهة في المشتريات العامة للمال العام وفي ترسية المشاريع وفي حجم ترسيتها والقصور في تنفيذها. ثم لاحظوا أن الجملة السابقة كانت أطول جملة واحدة كتبتها في حياتي دون نقاط أو فواصل، إيماناً أن تلك الجملة هي أخطر الجمل التي تنخر بناءنا التنموي. لا يشترط في الوظائف الرقابية أن تكون جديدة أو حتى مدفوعة الثمن. هناك العشرات من المخلصين الذين يريدون نافذة قانونية كي يرفعوا برؤاهم وأفكارهم إلى ولي الأمر أو للأمراء في مختلف المناطق وهناك في كل مكان من المخلصين الغيورين الذين يتمنون باباً مشرعاً للحديث بصوت مرتفع عن كل مفسد بالاسم وعن كل مرتش بالمنصب. نحن نريد أن تكون لولي الأمر ولكل أمير 1200 عين مفتوحة معلنة مشرعة تكتب تقاريرها إليه في وضح النهار كي تقضي على دسائس الليل. هذه أنبل خطوة.