أعتقد أن الدعم السخي الذي أقره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأندية الأدبية، بواقع عشرة ملايين ريال لكل نادٍ، يضع هذه الأندية على المحك الحقيقي، ويسلب منها أي عذر عن التقصير في خدمة المجتمع وأداء الدور المنوط بها ثقافياً وأدبياً واجتماعياً.

والحقيقة أن ما وصفه البعض بـ"قلة الدعم" الخاص بالأندية الأدبية، كان ذريعة جاهزة لأندية لا تحرك ساكناً ولا تسعى لتفعيل المشهد الثقافي والأدبي والمجتمعي بشكل عام، واكتفى أعضاء هذه الأندية بما تمثله هذه العضوية لهم من (وجاهة)، الأمر الذي ربما من أجله نادى البعض بانتخاب أعضاء الأندية على أسس موضوعية، معيارها الكفاءة الثقافية والأدبية والفكرية، ومدى ما تستطيع هذه الشخصيات تقديمه لإحداث حراك حقيقي في المشهد الثقافي والأدبي والفكري بالمملكة.

اليوم، وقد انتهت هذه الذريعة، ترى هل من الممكن أن تتعلل بعض الأندية بشيء آخر تبريراً لكمونها وجمودها؟، لا أعتقد ذلك، بل أعتقد أن من لا يرى في نفسه القدرة على إحداث نقلة نوعية في ناديه في المستقبل القريب، يجب عليه أن يتخذ قراراً بترك موقعه لمن يعي تماماً أن العمل العام هو عطاء للصالح العام، وليس كرسياً للوجاهة.

وأعتقد أن فعاليات الأندية الأدبية، التي تنحصر أغلبها في نشاطات نخبوية، ينبغي أن تتوسع في فعالياتها لتشمل معظم إن لم يكن كل طموحات المجتمع، فهناك قضايا فكرية، وقضايا مجتمعية تشمل التعليم والأخلاقيات العامة والسلوكيات، يجب أن تناقش في الأندية، حتى تعود إليها جماهيرها، بدلاً من اقتصار فعالياتها على الأمسيات الشعرية والقصصية والنقدية، ومن ثم أصبح حضورها محدوداً، ولا يتناسب بحال من الأحوال مع الدور الحقيقي الذي ينبغي أن تقوم به هذه الأندية في المجتمع، وبعد ذلك يأتي دور الإعلام، مرئياً كان أم مسموعاً أم مكتوباً، ليبرز هذه القضايا ويصل بها إلى طاولة المسؤول، فيكتمل دور الأندية الأدبية.

إن استثمار هذا الدعم السخي على الوجه الأمثل، يمثل – برأيي – امتحاناً حقيقياً لمسؤولي الأندية، الذين نأمل خلال المرحلة المقبلة أن نرى إبداعاتها وابتكاراتها لأنشطة تثري المجتمع ككل، وترقى به نحو مزيد من الوعي والتحضر، وأن نرى هذا النادي أو ذاك وقد أصبح منارة حقيقية للإشعاع، من شأنها أن تسهم إسهاماً فعلياً في التأسيس لمجتمع مدني راقٍ، يستطيع أن يستقطب جميع فئات المجتمع، وساعتها - فقط – ربما نجد مبرراً منطقياً إذا سعت الأندية لمزيد من الدعم.