أثبتت الأحداث التي شهدتها بعض البلدان العربيّة، أنّ الحجب الإعلاميَّ لم يعد ممكناً؛ وأن المرحلة قد تجاوزت العقول التي ترى في التعتيم سلاحاً..
قُطِعت الاتصالات، كلُّ الاتصالات، بمفهومها المعلوماتي، وحُجِبت القنوات، وظنّ الحاجبون أنّهم بذلك قادرون على السيطرة، وإخفاء الحقائق، بيد أن الحاجب المتخشّب على عتبات الماضي ليس بقادر على منع وصول الحقيقة الناصعة إلى الشغوفين بها، فكان الإعلام الجديد حاضراً، وقادراً على تجاوز الحاجب إلى بلاط الحقيقة..
الإعلام الجديد لم يكن مرسِلا في اتجاه وحسب، كما هو الحال في المصادر الإعلامية المركزية التقليديّة، كالإذاعات، والتلفزيونات والصحف، وإنما كان تفاعليّا، قادراً على حساب نسب الاستجابة والتأييد، وفوق ذلك كان قادراً على القيام بمهام الإرسال قافزا فوق أسوار المنع..
عجزتْ بعضُ القنوات الفضائيّة عن الوصول إلى بؤر الأحداث، وهو عجزٌ بدهي في ظلّ عدم السماح لها بإيفاد المراسلين، ولم يعجز الإعلام الجديد عن أخذ المتابعين إلى الأحداث عبر "اليوتيوب، والفيس بوك، والتويتر"..
القنوات الفضائية العريقة باتت تعتمد على مقاطع "الإنترنت" التي يرفعها الهواة أو المهتمون بإيصال الرسالة الإعلامية إلى العالم، حتّى إنّ هذه المقاطع صارت المصدر الرئيس للصورة الآتية من قلب الحدث، ولكم في طريقة إيصال أحداث ليبيا أنموذجاً ماثلاً..
في عصر الإعلام الجديد، باتت الوسائل الإعلامية التقليدية عالةً على الجيل الجديد من وسائل الإعلام والاتصال..
في الإعلام الجديد، لم تعد مهمّة "الإعلام" مقصورة على الإعلاميين، وإنما صار الكل قادرا على التعامل مع الوسائل الجديدة إعلاميّا..
إنه الإعلام الجماهيري الذي يحتاج إلى إعادة تعريف تضيف إليه أنّ البشر، كلَّ البشر إعلاميون بشروط يسيرة لا تزيد على القدرة على التعامل مع الوسائل الحديثة..
جولة يسيرة في مقاطع "اليوتيوب" كفيلة بنقل المتابع إلى أحداث ليبيا، وهو نقل خال من التوجيه، أو الأحاديث المنمّقة التي قد تبتعد بالأذهان عن الواقع..
باب الإعلام الجديد لا يعرف الإغلاق أو المواربة أو التعتيم أو التضليل..
كل أبواب الدنيا قابلة للإغلاق، إلا باب الإعلام الجديد، لأن مفاتيحه بأيدي الناس كلهم..