نحن نعيش بالفعل بين المتناقضين المضحكين. قضايا تنمية عصية مستفحلة بينما حلولها المباشرة تتراقص انتظاراً في الطرف الآخر من المعادلة. وهب افتراضاً أن لدينا مئتي ألف عاطل عن العمل، فلك أن تنظر للجهة المقابلة من الحلول: تعترف وزارة التجارة أن لديها مئتي ألف تصريح تجاري لمحلات التجزئة في مبيعات المواد الغذائية وحدها بمبيعات سنوية تناهز 120 مليار ريال وبحجم أرباح يصل لعشرين ملياراً على أدنى مؤشرات التفاؤل. نحن إذاً فقط نتكلم عن – البقالة – التي تساهم وحدها في تحويل ما يقارب 27 مليار ريال في العام الواحد. ذلك القطاع الذي يسيطر عليه التستر بنسبة مئوية كاملة وتتربع عليه بالكمال العمالة الوافدة، فمن هو بينكم الذي دفع اليوم ريالاً واحداً في يد بائع تجزئة غذائية سعودية؟ نحن نجلد ظهور آلاف الشباب أنهم يأنفون العمل المهني اليدوي ولكننا في المقابل لم نمهد الطريق أمام عشرات الفرص الأخرى التي لا تحتاج بأكثر من مبادلة النقود، ولكن: هل نستطيع تكييف نظام السوق والعمل لهذا الواقع الجديد؟ وبكل صراحة مطلقة فإن أنظمة العمل لدينا تميل بالكامل للتكيف مع ظروف العامل الأجنبي على حساب المواطن. عشرون ملياراً من الأرباح الصافية تذهب في العام الواحد، وفي قطاع تجاري واحد، لأن طبيعة السوق في مثال بسيط من عشرات الأمثلة صممت لتناسب المستقدم، للوافد الذي لا شيء لديه ليعمل منذ شروق الشمس حتى منتصف الليل، وهذه بيئة تنافسية لن تتناسب أبداً مع ظروف ابن الوطن. ما الذي سيحصل لو أن قراراً جريئاً يقفل كل محلات التجزئة وفي كل القطاعات بلا استثناء عند الساعة السادسة؟ لا شيء إلا أننا سنكون مثل كل دول العالم المتحضر. لن نموت من الجوع في المساء ولن نمسي – عرايا – لأن المول المجاور مقفل بعد صلاة المغرب. كل القصة أننا سنكون مثل بقية الشعوب وسنتكيف بالموجب مع واقع المساء المختلف، لن تنقص قيمتنا الشرائية ريالاً واحداً، ولكننا سندفع هذا الريال بيد سعودية ليد سعودية أخرى. من المخجل أن قطاعاً واحداً من سوقنا الضخم سيحل جل مشاكلنا ولكننا أجبن من القرار السهل في هذه الظروف. نحن لدينا عشرات الحلول الفورية الجاهزة في وجه قضايانا الجوهرية المخيفة.