ينتظر أهالي المدينة المنورة، باستثناء المحافظات الأخرى، تنفيذ نحو 17 مشروعاً بلدياً، قدرت قيمتها بنحو نصف مليار ريال، البعض منها تم وضع حجر الأساس لبدء العمل بها منذ ثلاثة أعوام، ولم يكتمل تنفيذها حتى الآن، فيما أرجعت الأمانة سبب تعثر بعضها، إلى "عدم إمكانية تنفيذها من المقاول "، إضافة إلى "وجود معوقات من جهات حكومية، وأملاك خاصة".
بطء في الحركة
أهالي المدينة المنورة، يرى عدد منهم، أن المشاريع المنفذة حالياً تسير ببطء، خلافاً عن المناطق الأخرى، إضافة إلى أن "مستوى التنفيذ للبعض منها، لا يواكب التطور الذي تشهده البلاد في الوقت الحالي"، بحسب وجهة نظرهم.
تركي الرشيدي، وسعود الرحيلي، ومحمد الحربي، مواطنون من أهالي المدينة المنورة، يتبنون النظرة "النقدية" السابقة، وهم خلال حديثهم لـ" الوطن"، يرون أن "المشاريع المنفذة، لا تتوافق مع القيمة المالية المعلن عنها، والفترة الزمنية المحددة".
وأشاروا إلى أن المشاريع البلدية المنفذة والجاري تنفيذها في المدينة المنورة، "تنافس المشاريع المنفذة في المناطق الأخرى على الصدارة، في تدني مستوى التنفيذ والنوعية، والجودة، والمنظر الجمالي"، وهو الأمر الذي يرونه عامل ضعف لا قوة. وهم في سبيل تعزيز وجهة نظرهم هذه، ضربوا أمثلة ببعض المشاريع التي تقوم بتنفيذها أمانة المدينة المنورة في الوقت الحالي، كـ"مشاريع الحدائق، والتي لا تتناسب مع ما يخدم زائريها، والأرصفة التي تجاهلت الأمانة المنظر الجمالي لها، والعمل على الاكتفاء بعملها كتلا خراسانية أسمنتية، إضافة للسفلتة التي لا يمضي على تنفيذها عام، إلا وبدأت تعاني من التشققات والحفر". وهم من أجل ذلك، يأملون من "الجهات العليا في المنطقة، ووزارة الشؤون البلدية، تشكيل لجنة لمتابعة سير المشاريع المنفذة، وما سيتم تنفيذه مستقبلاً، والمبالغ المالية التي يتم هدرها، بدون وجه حق"، كما جاء في حديثهم لـ"الوطن".
تعثرات بالملايين
وفي سياق متابعتها للموضوع، علمت "الوطن" أن القيمة المالية للمشاريع البلدية المتعثرة في المدينة المنورة، دون المحافظات، بلغت نحو "نصف مليار ريال، ومضى على عدم تنفيذ البعض منها قرابة الثلاثة أعوام، رغم وضع حجر الأساس للبعض منها".
وتشير المعلومات إلى أن هناك تحركات رسمية من جهات عليا في المنطقة، وفي وزارة الشؤون البلدية والقروية، لبحث أسباب تعثر المشاريع في المدينة المنورة، وخصوصاً "المشاريع التي لم يتقدم لتنفيذها أي مقاول، عند إعلان المناقصة، لعدم القدرة على تنفيذها".
كما تشير تلك المعلومات إلى أن المسؤولين في الأمانة والجهات العليا في المنطقة، يبحثون مدى شرعية السماح بدخول الشركات الأجنبية لتنفيذ تلك المشاريع، رغم وقوعها في حدود الحرم، بهدف الحفاظ على حرمة الحرم النبوي الشريف.
متابعة المجلس البلدي
عضو المجلس البلدي، ورئيس لجنة المشاريع الحيوية والمتأخرة في المدينة المنورة، الدكتور محمد أنور البكري، أوضح لـ"الوطن" أن المجلس البلدي "يتابع أعمال اللجنة المشكلة لمتابعة سير المشاريع الحيوية والمتأخرة، والتي تم تشكيلها قبل نحو عامين، حيث قدمت اللجنة توصيات للمجلس في وقت سابق، بخصوص إيجاد حلول لهذه العوائق، إلا أنه لم يتم البت فيها حتى الوقت الحالي". وأكد الدكتور البكري أن "هناك عوائق تواجه تلك المشاريع، وفق ما توصلت إليه اللجنة، تتمثل في وجود خدمات حكومية أخرى، يحتاج إلى إزالتها ونزع ملكيات، كما هنالك قلة في إمكانيات المقاولين. إلا أن جميع هذه العوائق يمكن تجاوزها، وعدم الانتظار كل هذه الفترة، وتعطيل مصلحة المواطنين، وسير المشاريع التنموية في المنطقة". وذكر البكري أن "عددا من المشاريع المتعثرة، سبق وأن تم وضع حجر الأساس لها، للبدء في تنفيذها منذ عامين، إلا أنه حتى الوقت الحالي، لم يتم التنفيذ، وكأن المشروع هو حجر الأساس فقط".
نماذج للمشاريع
وفي ذات السياق، عدد الدكتور البكري، عددا من المشاريع المتعثرة، مستشهدا بـ"مشروع مقر المجلس البلدي، والذي تم وضع حجر الأساس له قبل عامين، بقيمة 20 مليون ريال. وكذلك مشروع استكمال تنفيذ الطرق الهيكلية بقيمة 37 مليون ريال، ومشروع تحسين وتجميل مداخل المدينة بقيمة 19 مليون ريال، ومشروع تقاطع طريق المطار القديم مع طريق الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، بقيمة تجاوزت 60 مليون ريال". متمنيا أن "تحظى هذه المشاريع، والمشاريع البلدية المستقبلية، بكل ما يساهم في تطور عجلة التقدم في المنطقة، وأن تحقق الأهداف المنشودة من تنفيذها".
للأمانة رأيها
من جهتها أكدت أمانة المدينة المنورة -في تعليق لها حيال هذا الملف- أن "عدد المشاريع المتعثرة بالمدينة دون المحافظات، 17 مشروعاً، من إجمالي 67 مشروعاً ينفذ حالياً. وأوضح أمين منطقة المدينة المنورة، المهندس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الحصين، أن أسباب تعثر المشاريع تعود إلى "اعتراض مسار بعض الطرق لأملاك خاصة، والتي هي بحاجة إلى إجراء استكمال نزع الملكيات، كما تعود إلى وجود خدمات لجهات حكومية أخرى تعيق التنفيذ، مما يتطلب ذلك التنسيق مع الجهات الحكومية لترحيلها، إضافة إلى أن من أسباب تعثر المشاريع طرح بعض المناقصات التي لم يتم التقدم إليها، وذلك لعدم إمكانية تنفيذها من المقاول ". وحيال ما يقوله البعض من "تدني مستوى التنفيذ للمشاريع البلدية"، أشار المهندس الحصين إلى أن "ما يتم تنفيذه من مشاريع، يتم طبقاً للمواصفات المعتمدة من وزارة الشؤون البلدية والقروية، وتوجد لدى الأمانة عدد من المكاتب الاستشارية المختصة، للإشراف على تلك المشاريع، والذي لا يمكن ترسية عقد مقاول، إلا ضمن معايير ومواصفات يلتزم بها المقاول".
الاستعانة بالشركات الخارجية
من جهته، علق عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء، في جامعة "الإمام محمد بن سعود الإسلامية"، الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ، على مسألة دخول العمالة الأجنبية لحدود الحرم النبوي، قائلاً "إن المدينة الأصل فيها الجواز بدخول غير المسلمين، حدود الحرم النبوي، ولا يمكن منعهم منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم". وأوضح الدكتور آل الشيخ في حديثه لـ"الوطن" أن "الاستعانة بالعمالة الأجنبية في إنشاء مشاريع تعود مصلحتها للمسلمين، سواء كان في المشاعر المقدسة بالحرم المكي، أو الحرم المدني، ينطبق عليها القاعدة الشرعية التي تنص بأن الضرورات تبيح المحرمات، وهو الأمر الذي يجيز الاستعانة بالشركات الأجنبية، في تنفيذ أي مشروع".