ربما لا يوجد جهاز من أجهزة الدولة بالمملكة العربية السعودية تأذى من صخب الإعلام وتداعياته كما هو الحال بالرئاسة العامة لرعاية الشباب متمثلة في لجان عملها، وهذا الأمر أخذ يستشري بصورة أوضح في السنوات الثلاث الأخيرة بدرجة أحرجت هذا الجهاز أمام وسائل الإعلام والوسط الرياضي عامة.
ومصدر هذا الصخب هي تلك المظاهر الإعلامية المزعجة من خلال تصاريح ومداخلات بعض منسوبي اللجان باتحاد كرة القدم، الأمر الذي ساهم في حدوث عدد من الانتكاسات التي ترتب عنها حل أو استبعاد عناصر من اللجان لخروجهم عن النص الذي مؤداه أن يعمل هؤلاء ويجتهدوا من أجل إنجاح عمل هذه اللجنة أو تلك.
المتتبع لإعلامنا المحلي بوسائله المتعددة يلحظ هذا الصخب وبشكل يصل فيه أحيانا إلى (التقزز) من بعض التصاريح والمداخلات السلبية بحق هؤلاء أولاً ثم بحق لجان العمل التي ينتسبون إليها.
وإن كان المسؤول الأول بالاتحاد السعودي لكرة القدم قد أيد مسألة التعاطي مع الإعلام بشفافية ممكنة وبحسب معلومات وبيانات وليس مجرد طرح آراء و تحليلات بعيدة كل البعد عن الواقع؛ فإن هذه الفئة من هواة الضجيج الإعلامي لم تكترث بتلك المساحة المقننة من الظهور والتواجد في تلك الوسائل، ولم تسع إلى أن يكون عطاؤها وتناولها مقياسه العمل الجاد والمعرفة المتكاملة حول المواضيع التي يشارك فيها.
الحضور الإعلامي لمجرد الظهور أمر مرفوض ولا يؤتي بشيء لعمل اللجان؛ بل أكثر من ذلك أنه قد تسبب في حدوث الكثير من الإشكاليات، و منح المراقبين للاصطياد في الماء العكر أن يجدوا بغيتهم في ذلك الصراخ، و في تلك المداخلات الفارغة من أي معنى لها بنظر المتابع.
تذكرت و أنا أرصد هذا الصخب غير المبرر واللامسؤول لبعض أعضاء لجان عمل اتحاد كرة القدم شخصية بارزة ومهمة في منظومة العمل بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، تعد أحد القيادات الإدارية التي ساهمت في مسيرة الحركة الرياضية السعودية طيلة ربع قرن وما يزال، إنه فيصل النصار المستشار المشرف العام على مكتب الرئيس العام لرعاية الشباب، فهذا الرجل الهادئ الخلوق الخبير بكل صغيرة و كبيرة في هذا الجهاز، عايش مرحلة البناء العصرية في عهد الفقيد الراحل الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله، ووضع يده في بعض تلك اللبنات وأنجزها، ورأى بأم عينيه حجم الكفاح والمثابرة والجهود التي قام بها رائد الحركة الرياضية السعودية الحديثة الأمير فيصل بن فهد – مع حفظ الألقاب - كما رأى تلك القفزات والإنجازات المدوية للرياضة السعودية على كافة المستويات، وكان فيصل النصار قريبا جداً من ذلك الحراك المبدع والمنجز والمثمر، كما كان غير بعيد عن تفاصيل التفاصيل، واستفاد كثيراً من مدرسة الأمير فيصل بن فهد، وأحال الفائدة والخبرات الشخصية إلى فرق العمل التي عملت إلى جانبه.
أكثر من ربع قرن من العمل والجد والاجتهاد قام بها (النصار، إلا أن لسان حاله دائماً ما يردد" ما أحلى الصمت في الخدمة"، لأن الصمت في نظره العمل والانتاج، وعلى العكس فإن الضوضاء وكثرة الكلام عنده معناها قلة العمل وضعف الثمرة في الانتاج.
باختصار .. على أمثال هؤلاء الصاخبين والضوضائيين العاملين بلجان اتحاد كرة القدم بالذات أن يأخذوا من نموذجية النصار الذي اشتغل بالرئاسة العامة لرعاية الشباب وما يزال، ووصل قمة الهرم التنفيذي بها، وكل ذلك دون أي ضجة في عمله الذي أفنى فيه وقته وصحته بأمانة وصدق وواقعية غير عابئ برغبات الإعلام وضوضائه وصخبه.