صورة وطني الوردي هي آلاف – الورود – وملايينها التي زرعناها في هذه الصحراء القاحلة. هي صورة الإمام الموحد الكبير الذي بدل به الله خوف الناس إلى الأمن. هي صورة طفلي الصغير، وهو يذهب إلى الصباح وسأقاتل كي لا يسرق منه مرجف هذه الصورة: كي لا يعود لمأساة جده البعيد وهو يتلظى من الجوع ويتوسد سلاح الخوف ساعة الليل البهيم وحزّة المرقد.

نحن الذين آوينا الملايين خلف الملايين ليأتوا إلينا من كل فج وصوب ويقطفوا معنا لحياتهم كل بذور المستقبل. وإلى هذه الصحراء التي عاشت في جوفي، ترك كل هؤلاء الملايين خلفهم مساقط الأمطار ومنابع الأنهار ورذاذ الغيوم لأن الله من أراد لهذه الأرض الصفراء أن تكون مثابة للناس وأمناً وأن يجعلها رغداً يأوي إليها الناس أملاً يأتيهم رزقهم من كل مكان. صورة وطني الوردي لا يمكن أن تهزها أقاويل المرجفين ولا يمكن لها أن تنحني أمام عناوين الأخبار المصنوعة بمسامير الخبث. نحن أبناء هذه الصحراء أدهى من أن نصادر صورة الورد التي كسوناها بكل الألوان في مئة عام. أعظم من أن نهتز أو ننحني أمام البذرة التي غرست ثلاثمئة متر تحت قشرة هذه الرمال قبل ثلاثمئة سنة. صورة وطني، هي صورة الملايين، الذين يسألون كل صباح عن الوالد الأغلى ومتى سيعود؟ هي صورة هذه الملايين التي تسأل عن فرد وستخرج غداً لتستقبل ذلك الفرد. صورة وطني هي تلك العيون التي تبكي إليه وصورة وطني هي تلك العيون التي سيبكيها الفرح حينما يعود. صورة وطني هي صورة أهله حين نتفق وحين نختلف. حين نتحاور حد الخلاف ونخرج من حوارنا بالاختلاف، ولكن: أمسكوا أقلامكم وألسنتكم فلن تكون هذه – الوردة – إلا بيد أهلها من هذه الملايين نحن لم نعش عالة عليكم يوم جوع جدي العظيم ولم نطلب كسوتكم يوم العراء القديم. لم تلتفتون إلينا اليوم وأنتم من لم يلتفت يوم كنا – أهل المدر -!