إن تلاحم الشعب مع قيادته في ظل جميع الظروف الصعبة هو سمة الحال في المملكة العربية السعودية، وما يثبت هذا تاريخ العلاقة المتميزة ما بين القيادة والمواطنين منذ بداية التأسيس.
إن من يقرأ تاريخ شبه الجزيرة العربية قبل مائة عام يكتشف سوء أحوالها من جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فقد كانت قبائل وهجرا مبعثرة في الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط علاقاتها متوترة تحكمها لغة القوي على الضعيف فكانت القبائل تغزو بعضها طمعاً في المال والجاه ويعيش أفرادهم بين كر وفر وقبائل أخرى تبحث عن الانتماء للأقوياء لتضمن الأمان والاستقرار ويعيش أهل مكة المكرمة والمدينة المنورة والحجاج والمعتمرون حالة قلق أمني في رحلاتهم بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ويودع الحجاج أهلهم في رحلتهم للحج وداع موت بلا رجعة حيث يموت البعض جوعاً ومرضاً لعدم توفر الخدمات والإمكانات في رحلتهم بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويعيش بعضهم حالة ذعر وقلق وخوف في الطريق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة خوفاً من قطاع الطرق الذين يهجمون على الحجاج والمعتمرين الزائرين وتُسلب أموالهم وأرزاقهم وجمالهم وإذا رفض الحجاج والعابرون دفع الفدية لسالبيهم قتلوهم وأسروهم وكذلك كان الحال في بقية أنحاء شبه الجزيرة نتيجة الفقر والجهل. ونظراً لهذا الوضع غير المستقر وفي غياب الموارد الاقتصادية الجاذبة للمستعمر قبل اكتشاف البترول لم تكن شبه الجزيرة محل اهتمام المستعمر، فالمستعمرون كانوا يبحثون وراء مصالحهم الاقتصادية والسياسية فذهبوا للدول الغنية بمواردها الاقتصادية أو لمواقعها الإستراتيجية واستقروا في الدول التي يستطيعوا أن يمارسوا فيها نشر ثقافتهم وفكرهم غير الإسلامي ولهذا لم يجدوا تجاوباً له في شبه الجزيرة العربية بالإضافة إلى أنهم كانوا يعلمون بأن أي تدخل في شؤون المقدسات الإسلامية سوف يقيم الدنيا عليهم ولا يقعدها من قبل المسلمين في جميع أنحاء العالم. ولهذه الأسباب وغيرها لم يفكر المستعمر أن يدخل أرض شبه الجزيرة مقتنعاً بأن من يحكم دويلات شبه الجزيرة العربية هم أهلها وأبناؤها. وبالفعل تم ذلك ومن حسن حظ أبناء شبه الجزيرة العربية أنهم تضامنوا مع قياداتهم ليكونوا هذه الدول الصغيرة بحجمها آنذاك ويخططوا لبناء مستقبل جديد لمنطقتهم، وهذا الذي نفخر به نحن أبناء المملكة العربية السعودية حيث استطاع مؤسس هذا الوطن أن يجمع قبائل وأبناء المملكة في جميع أطرافها ليكونوا دولة واحدة متماسكة متضامنة دستورها الإسلام ونظامها الشريعة الإسلامية معتمدة على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هدفها الأساسي رعاية الحرمين الشريفين لخدمة المسلمين في جميع أنحاء العالم ولصدق نوايا المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه في تكوين هذه الدولة لتحقيق هذه الأهداف نجحت القيادة السعودية على مر السنين في حكم هذا الوطن ومن الله عليها بثروات عظيمة من أهمها الإنسان السعودي الذي استطاع أن يساهم في بناء الدولة منذ تأسيسها. وبجهود المؤسس ونظرته المستقبلية تم اكتشاف البترول وتطور الإنتاج واستطاعت المملكة بحكمة قيادتها أن تُحسن الاستفادة من أكبر العوائد البترولية لبناء دولة حديثة متكاملة تعتمد في تنميتها على التنمية الشاملة لجميع مناطق ومدن المملكة، ومن يتابع تطور التنمية ويقارنها بوضع المملكة في بداية تأسيسها وقبل ذلك يلاحظ غياب وافتقار المنطقة إلى العناصر الأساسية للحياة وعلى رأسها التعليم والصحة فلم يكن هناك مؤسسات تعليمية على مستوى العدد والنوعية وتمركزها في مكة المكرمة والمدينة المنورة وغابت المدارس عن بقية أنحاء الدولة وانعدمت الرعاية الصحية وغاب الأمن والاستقرار، ثم تطور الحال حسب تطور الظرف الاقتصادي وانعكست إيرادات الدولة المتعاظمة نتيجة ارتفاع أسعار البترول إلى التنمية الشاملة حتى وصلنا إلى مرحلة رائدة في التعليم وصل عدد الجامعات الحكومية والأهلية إلى حوالي ثلاثين جامعة وعشرين كلية جامعية أهلية منتشرة في جميع أنحاء المملكة استطاعت أن تُخرج مئات الآلاف من الجامعيين والمتخصصين وانتشرت المدارس الحكومية والأهلية للطلاب والطالبات وتوزعت على جميع أنحاء المملكة وعمت التنمية العقارية والصناعية والزراعية والخدمية جميع أنحاء المملكة وأنشئت المشاريع التنموية وكان أعظم التطور والتوسعة للحرمين الشريفين منذ بداية الإسلام حتى تاريخه في ظل الحكم السعودي وتركز هدف القيادة السعودية في الحكم على تطوير الإنسان رعايته وبنائه وتوجيهه وضمان حقوقه والمحافظة على مكتسباته الخاصة والحفاظ على كرامته وحرصت القيادة على المرأة السعودية وضمنت لها حقوقها التي كفلها لها الإسلام وحافظت على كرامتها وشخصيتها وخصوصيتها وأتاحت لها فرصة العمل في العديد من المواقع التي تتناسب وقدراتها ومكانتها، ومن أهم الإنجازات للقيادة السعودية منذ إنشاء الدولة هي ضمان استقلالية القضاء والمحافظة عليه وعدم التدخل في قراره فكان القضاء السعودي أهم علامة مميزة في الدولة السعودية وبشهادة الجميع وهذا من أهم مؤشرات العدل والاستقرار والأمان. إن بناء الدول الحديثة يمر بمراحل متدرجة في التنمية وإن قرارات عديدة كانت وراء هذا البناء أصاب وأنجز بعضها وأخفق وتوقف البعض الآخر وهي طبيعة البشر في العمل سواء كانوا قادة أو مسؤولين تنفيذيين أو أفرادا مواطنين يعملون يصيبون ويخطئون والعقلاء منهم من يعودون إلى الصواب إذا وقعوا في الخطأ ومن الحماقة الاستمرار في الأخطاء إذا علموا بها. إن تجاوز أخطائنا في الظروف الصعبة هو متطلب تفرضه وحدة الوطن والقيادة وإن بناء ساهمنا جميعاً في رفعه هو جدير بالمحافظة عليه ودعمه ومساندته. إن المرحلة التي تمر بها منطقتنا تفرض علينا ضرورة تماسكنا وتعاضدنا ضد من يريد بنا سوءاً من الحاقدين والحاسدين والمتربصين لأمننا واستقرارنا من خارج الوطن، وإن التزامنا بهذه الوحدة سيمنعهم من اختراقنا. إن الحوار الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يجب أن يستمر وإن نتائج الحوار ينبغي أن تتحول إلى خطة ثم برنامج عمل وذلك لمصلحة الوطن والمواطنين. وإن قوة اقتصاد بلادنا ستساهم في تحقيق طموحاتنا ومتطلباتنا المستقبلية وبالتعاون المشترك سنعالج قضية البطالة والفقر فالعمل حق لكل من يرغب العمل وقادر عليه ومؤهل له.
إن المبادئ الأساسية للوطن لا يمكن التنازل عنها، الإسلام ديننا، ووحدة الوطن هدفنا، والحفاظ على قيادتنا سر نجاحنا وتقدمنا.