فى الوقت الذي انطلقت فيه حرب الأقدام والرؤوس بين لاعبي 32 منتخباً للفوز بالكأس، فإن هناك حربا أخرى تدور على هامش المونديال بين الشركات المصنعة للأحذية والملابس والمعدات الرياضية للهيمنة على سوق كرة القدم الذي يقدر حجم مبيعاته حالياً بنحو 5 مليارات يورو.
وتعكس الحرب الشرسة التى تدور رحاها بين شركة" اديداس" الألمانية لصناعة الأحذية والملابس والمعدات الرياضية ومنافستها الأمريكية "نايك" حدة التنافس بعد أن أصبحت الساحرة المستديرة صناعة حقيقية في حقبة العولمة.
والمنافسة بين اديداس ونايك لن تجري فقط على نجيل الملاعب، بل حتى على شاشات التلفزيون لجذب اهتمام أكبر قدر ممكن من نحو 3 مليارات شخص يتوقع أن يتابعوا المونديال بصفة منتظمة أو عابرة.
وقد بلغت شدة المنافسة بين الشركتين الكبيرتين إلى درجة أنها تجرى وفقا لقاعدة "السن بالسن والعين بالعين"، فإذا أخذت مني منتخبا أخذت منك آخر، وإذا انتزعت مني نادياً انتزعت منك آخر.
وتمكنت "اديداس" من الفوز بتزويد 12 منتخباً من المنتخبات الـ32 المشاركة فى كأس العالم بالكرات والأحذية والملابس الرياضية ومستلزمات لعبة كرة القدم، وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا والأرجنتين.
في المقابل تمكنت "نايك" من الاستحواذ على ثقة دول عملاقة فى كرة القدم مثل البرازيل وهولندا والبرتغال.
وتضرب الشركتان من خلال المنافسة بينهما عصفوران بحجر واحد فإذا كان الهدف هو الفوز بنصيب الأسد من كعكة كرة القدم طوال العرس الكروي العالمي الذي يستمر شهراً واحداً فقط، فإن الهدف الأهم هو السيطرة على سوق الألعاب الرياضية بصفة عامة سواء كانت كرة قدم أو تنس أو سلة أو هوكي أو أو، فمن يمكن أن يرى ليونيل ميسي أو كريستيانو رونالدو وهما يرتديان حذاء اديداس أو نايك ولا يقلدهما.
ويؤكد المحلل الاقتصادي بشركة "اوريل بي جي سي" الفرنسية سيدريك روسي أن من يسيطر على سوق كرة القدم بمنتجاته يسهل عليه السيطرة على أسواق الملابس الرياضية والمستلزمات والمعدات الرياضية للألعاب الرياضية الأخرى نظراً للشعبية الطاغية لكرة القدم حول العالم.
وعلى سبيل المثال نجحت اديداس فى مونديال ألمانيا 2006 فى بيع 51 مليون قميص تحمل ألوان منتخب ألمانيا للمشجعين الألمان ونصف مليون قميص تحمل ألوان علم فرنسا للمشجعين الفرنسيين.
ويتوقع أن تزيد مبيعات الشركة الألمانية من قمصان المنتخبات التى ترعاها خلال المونديال الحالي بشكل يفوق ما باعته خلال مونديال ألمانيا 2006، فقد تمكنت اديداس على سبيل المثال من بيع نصف مليون فانلة لمنتخب فرنسا قبل أسبوعين من انطلاق المونديال.
وتستحوذ اديداس على 34% من سوق كرة القدم البالغ إجمالي مبيعاته 5 مليارات يورو مقابل 32% لنايك.
والغريب أن شركة نايك لم تر النور إلا عام 1994، لكنها استطاعت خلال هذه المدة القصيرة أن تنافس اديداس، وتتخطى شركات عالمية أخرى ذات سمعة مدوية مثل شركة "بوما" الألمانية على سبيل المثال.
وواصلت نايك هجومها الشرس لتجريد الشركات الألمانية خصوصاً من هيمنتها المعروفة على سوق كرة القدم العالمي فحاولت ضرب اديداس وبوما فى عقر دارهما بإغراء المنتخب الألماني بعرض زاد بمقدار ست أضعاف عن العرض المقدم من اديداس لكن تدخل الحكومة الألمانية منع الاتحاد الألماني لكرة القدم من الخضوع لإغراءات الشركة الأمريكية العملاقة.
وإذا كان الساسة الألمان نجحوا في كبح جماح نايك لأسباب اقتصادية فإن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم لم يستطع من جانبه الصمود أمام إغراءات الشركة الأمريكية فقرر التضحية بعرض اديداس شريكته منذ عام 1972 مقابل الحصول على 43 مليون يورو ستدفعها نايك كل عام نظير ارتداء المنتخب الفرنسي لمنتجاتها وشارتها من عام 2011 إلى عام 2018 بإجمالي يقترب من 300 مليون يورو.
للفوز على أساس أن كل فوز يحققه المنتخب الفرنسي وهو يرتدى نايك يعد بمثابة ترويج أفضل لمنتجات الشركة الأمريكية في فرنسا والعالم.