منذ تبرعم الثورة المصرية وحتى قطاف ثمارها بتنحي الرئيس "حسني مبارك" عن سدة الحكم؛ وأنظار العالم بأسره تتجه نحو "مصر" المحروسة. لم تعد "مصر" مهوى قلوب العرب وقبلة أنظارهم وبؤرة اهتمامهم وحدهم؛ ولكن العالم كله يشاركهم الإعجاب بمصر العزة والكرامة. رؤوساء وسياسيون من أنحاء العالم يمجدون "مصر" وشبابها؛ فيقول "باراك أوباما ": يجب أن نربي أبناءنا كشباب مصر. أما رئيس وزراء إيطاليا فقد قال: لا جديد في مصر فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة، بينما قال رئيس وزراء بريطانيا: يجب أن ندرس الثورة المصرية في المدارس؛ وقال "هاينز فيشر" رئيس النمسا : شعب مصر أعظم شعوب الأرض ويستحق جائزة نوبل للسلام. وقال "ستولتنبرج" رئيس وزراء النوريج: اليوم كلنا مصريون.

عشرات الصحفيين والناشطين الغربيين ممن عايشوا ثورة الغضب المصرية، وعايشوا رحلة كفاح شباب "ميدان التحرير" وصمودهم؛ يستلهمون اليوم مصر وقيم أهلها ودروس ثورتها. خطب الناشط السياسي والكاتب البريطاني "جون ريس" في قومه ليحثهم على التضامن مع ثورة المصريين بعيد عودته من مصر؛ والتهبت كلماته حماسة وهو يصف المشهد المهيب للصلاة في الميدان وحراسة المسيحين لإخوتهم من المسلمين، والمشهد المعكوس حينما يقيم المسيحيون صلاة قداسهم ويحرسهم المسلمون؛ ليلقنوا العالم بأسره دروسا في معاني التعددية وقيم التعايش؛ مؤكدا أن مشاهد الثورة العظيمة ستضرب ظاهرة "الإسلاموفويبا" في مقتل. وبصوت زلزال كالرعد صرخ قائلا: لا تحاضرونا اليوم عن القيم البريطانية، فأنا اليوم حفيٌ بالقيم المصرية.. أنا اليوم مهتم بقيم الثورة المصرية! وبكلمات خرجت من سويداء قلبه وصف شجاعة الشباب، وصبرهم، ودأبهم، وإيمانهم بعدالة مطالبهم، وحسن تنظيمهم. ثم عاد ليسخر من قناة BBC التي حذرت من خطر استيلاء "الإخوان المسلمين" على السلطة، قائلا إنها ثورة الشعب بأكمله ضد الظلم والقمع والتعذيب والرأسمالية والإقطاع؛ ثورة الحرية والعدالة ومحاربة الفساد بكل أنواعه. ثم قارن وربط بين الحرب على العراق وثورتي تونس ومصر متسائلا بتأكيد: ألم يكن شعب العراق سيخرج اليوم ليقتلع الديكتاتور "صدام حسين" من كرسيه دون حرب واحتلال ومليون قتيل وتدخل خارجي؟

وبعنوان (كلنا مصريون) كتب "نيكولس كريستوف" مقالا في "النيويورك تايمز"، يتحدث فيه عن تجربته في ميدان التحرير، وعن قصص الشجاعة والصمود حينما هجم بلطجية الحزب الحاكم بخيلهم ورجلهم وجمالهم على المتظاهرين! تحدث عن النجار البسيط الذي أصيب حوالي سبع إصابات ليعود مرة بعد مرة للصفوف الأولى، وليصف أيضا حماسة شاب آخر على كرسي متحرك لم تمنعه إعاقته من المشاركة في مظاهرات الحرية رغم قنابل الملوتوف والصخور والرصاص المتساقط ! تحدث عن الإصرار والدأب والتعاضد الاجتماعي وحس المسؤولية العميق بين كافة الفئات والشرائح، وعن المسجد الذي تحول إلى مستشفى ومرابطة 150 طبيبا متطوعا لتطبيب المصابين، وعن "ليلى" الشابة وحديثها معه عن طوق الخوف الذي كسروه جميعا، وعن الشباب الذين عرضوا أنفسهم للخطر ليوصلوه إلى بر السلامة. ليختم قائلا: قلوب الأسود المصرية التي تزأر لتدافع عن حقها في الحرية والديموقراطية، تستحق أن نقف معهم بكل ما نستطيع.. لنردد معهم بالعامية المصرية: (النهار ده كلنا مصريين)!