لعبت الولايات المتحدة الأميركية على وتر المادة 29 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة عام 1961 في القضية المثارة حاليا مع باكستان حول مقتل اثنين من رعاياها بيد الجاسوس الأميركي المعتقل ريموند ديفس، والتي تقول"لشخص الممثل الدبلوماسي حرمة – فلا يجوز بأي شكل القبض عليه أو حجزه – وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله بالاحترام اللازم له, وعليها أن تتخذ كافة الوسائل المعقولة لمنع الاعتداء على شخصه أو على حريته أو على اعتباره".
فواشنطن التي أرسلت أمس إلى إسلام أباد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري لمعالجة القضية، استبقت الزيارة بتصريحات حاسمة للرئيس باراك أوباما بالطلب من باكستان إطلاق سراح الجاسوس فورا، مستندا إلى قرار من وزارة الخارجية الأميركية يزعم أن ديفس يتمتع بالحصانة الدبلوماسية.
ربما تكون "براءة" النص الذي اعتمد في حينه لم تلحظ أن الدبلوماسيين لا يعملون في أجهزة استخبارات دولهم أو أنهم يجندون لأجهزة استخبارات دول أخرى، وهم مستعدون لقتل أبناء البلد الذي يؤمن لهم الحماية، وإلا كانت شطبت هذه المادة. فعدم الملاحقة يفسح المجال أمام الأجهزة الاستخبارية الكثيرة للسعي إلى تجنيد الدبلوماسيين والنأي عن المخاطرة بعملاء قد يتسببون بمشكلات لهذه الدولة أو تلك.
من حق باكستان، وهي الدولة المعتمدة أن تقول كلمتها في كون ديفس دبلوماسيا أو لا، قبل أن تفبرك واشنطن أوراق اعتماده، ومن حقها إنصاف مواطنيها الذين سقطوا برصاصه, وقبل كل ذلك من حق الدول المتضررة من المادة 29 من اتفاقية فيينا الدعوة إلى إعادة النظر فيها بما يضمن سيادتها على أراضيها خاصة إذا كان الفعل جرميا.