طالما أن رحمة الله أيقظتنا على يد إعلام من حولنا فلن نبالي بكم لبثنا، ولكن إلى متى سيلبث إعلامنا وقد ضربت أيدي التعتيم والتكميم على آذانه في الكهف سنين عدداً ومازالت تضرب في مشهد يسخر من الإعلام السعودي ذاته قبل أن يسخر منّا. فبينما قطعت قنوات العالم العربية والدولية برامجها لتبث مولد مصر من جديد على أيدي ملايين الثوار الذين أعتصموا بميدانهم وقاتلوا من أجل حريتهم واستشهدوا في سبيل غايتهم وجمعة الغضب فجمعة الرحيل ثم جمعة التحدي، بينما كانت أمة عربية تنفض التاريخ لتصنع المستقبل، كانت (جمعة لا أسمع لا أرى لا أتكلم) على القناة السعودية الأولى في حالة من الشرود الذهني تحت تأثير مسلسل أبو رشرش ومزحة برزحة، ناهيك عن تغطية بعض القنوات غير السعودية لكارثة جدة التي أهلكت البشر ودمرت الحجر بينما كانت في نظر إعلامنا أمطارخير وبركة وعم بنفعها البلاد والعباد!

لم يخجل إعلامنا من غيبوبته ولم يكف عن تغيّبه في زمن انتشار وسائل الإعلام وتواجدها أينما كنا من خلال شاشات التلفزة والجوالات وتسابقها على تناول الخبر بكل دقة وشفافية. الأدهى من كل هذا أننا حينما نفرح لوجود برنامج ما يواكب الخبر، نفاجأ سريعاً بإيقافه ونفاجأ أكثر بأن وزارة الإعلام لا دخل لها بذلك وأنه يفترض علينا أن نتوقع بأن وزارة الزراعة هي السبب مثلاً.

إعاقة إعلامنا المزمنة تجعلنا نتفهم صعوبة تناوله لحرية الرأي والتعبير وعرضه لمذاهب الفكر المتنوعة، ولكن ليته على الأقل يكتفي ببث الأخبار صحيحة وكاملة ويعلم أن معرفة الحقيقة وتغطية الحدث كما حدث حق من حقوق المواطنين وعكس ذلك ماهو إلا استخفاف بهم وتصريح علني لسوء إعلامنا ودعوة إلى صرف النظر عنه ومتابعة إعلام آخر يستحق المتابعة عن جدارة. ليت إعلامنا يعي أيضاً أن معظم منازلنا باتت تعج بآلاف القنوات، وأن المواطن لم تعد تستهويه متابعته بينما الأمم من حولنا تُزلزل الأرض من تحتها, فإما مواكبة الركب الإعلامي كما ينبغي ليستفيد المواطنون، أو لعلهم يتبرعون بها إلى "سبيس تون" ليتسلى أحباب الله.