"أطفال المفاتيح" مسمى انتشر بشكل كبير في مجتمعنا، وقد يتعجب الكثيرون من هذا المصطلح، والذي يعني الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس ومعهم مفاتيح منازلهم، وذلك بسبب عمل الأم، وتضارب موعد عودة الطفل من مدرسته مع موعد عودة الأم، فتضطر الأم عندها إلى تسليم الطفل مفتاح المنزل لكي يتمكن من الدخول. ويقول الاختصاصي النفسي زاهر الحكير: إن بعض الأطفال يحملون مفاتيح منازلهم معهم، لأنهم لا يجدون والديهم حين يعودون من المدرسة، فكثير من الأطفال يعودون من مدارسهم إلى البيت، ولا يجدون أحدا بانتظارهم ليفتح لهم الباب، فالأم التي من المفترض أن تستقبلهم لدى عودتهم، خرجت إلى العمل رغبة منها أو مضطرة لضرورات مادية، وتضاربت مواعيد عودتها مع عودة طفلها، ولا خيار أمامها، فإما أن يبقى في الشارع بانتظارها، وإما أن تجازف وتعطيه مفتاح البيت، وبذلك تحمله مسؤولية تفوق عمره. ويتابع الحكير: "سمعنا من كثير من المعلمين والمعلمات والقائمين بأعمال الإرشاد داخل المدرسة بوجود مفاتيح مع بعض الطلاب والتي تخص منازلهم، وليس ذلك فقط، بل ستندهش حينما تجد أن كل هؤلاء الأطفال يعودون ولا يجدون آبائهم وأمهاتهم بالمنزل". وأضاف: أن "الأم تقوم صباحا بإعطاء مفتاح المنزل لطفلها وهو ذاهب إلى المدرسة، لأنها لن تكون متواجدة بالمنزل، ليس هذا فحسب، فكلا الوالدين يوجه سلسلة تحذيرات وتنبيهات يومية تلقى على مسامع بعض الأطفال مثل "لا تفتح الباب لأحد"، و "لا تبقى في الشارع"، و"لا تلعب بالغاز، ولا تقترب من الكهرباء"، مما ينعكس سلبا على الأطفال، فنحن نعلم تواجد الكثير من المخاطر المحيطة بالطفل داخل البيت". وطالب الحكير الأهل بالعمل على تشكيل الوعي لدى أطفالهم بمخاطر الأشياء الموجودة في البيت كالأدوات الحادة، والشبابيك، والكهرباء، مؤكدا أن هذه التوعية يجب أن تبدأ من عمر 4 ـ 5 سنوات، على أن تتبع الأم أسلوب التوعية البعيد عن التخويف والترهيب، فكثير من الأمهات يخلطن بين التوعية والتحذير، مما يؤثر على مواقف الطفل بشكل سلبي، ‏ فالمبالغة بأسلوب التخويف والترهيب قد تسبب بعضا من الاضطرابات النفسية للطفل منها القلق والخوف الشديد. ويضيف: أن مبادرة الأمهات بتحميل مسؤولية حمل المفاتيح قد تؤثر سلبيا على الطفل، لأنها تعطيه إمكانية الدخول والخروج من البيت متى شاء، كذا إمكانية القيام بسلوكيات سلبية أحيانا، كما أن الطفل في سن التحضيري والابتدائي،  بحاجة عند عودته من المدرسة، وبعد فترة غياب لعدة ساعات لنوع من الاحتضان العاطفي والوجداني، فمن غير المعقول أن يبقى الطفل في الشارع عرضة لمخاطر السيارات وتحرش الغرباء، ويمكن تعويضه بوجود الأب أو الأخ الأكبر أو أحد الأقارب ليشعر الطفل بالأمان والاطمئنان. وأوضح الحكير أن من الواجب على الوالدين تعويض الطفل عن هذه الفترة التي يبقى فيها وحيدا، والاقتراب منه ليشعر بالحنان دون الوصول إلى مرحلة التدليل، بالإضافة إلى احتياجه إلى قسط من التقرب، حيث يحتاج الطفل دائما إلى الرعاية والاهتمام من جميع أفراد أسرته. وينصح الحكير الأمهات إذا لم تكن هناك حلول بديلة لهذه الظاهرة فمن الضروري تأمين المنزل قبل الخروج منه، وخاصة الغاز والمياه والنوافذ، وإبلاغ الجيران للمتابعة إذا شعروا بشيء غير عادي، والتأكيد على الأخ والأخت الأكبر بعدد من المحذورات. ولتلافي هذه السلبيات، ينصح الاختصاصي النفسي بالتربية الموجهة منذ السنوات الأولى لتحمل المسؤوليات بشكل متدرج، واختيار السن المناسبة لهذه الخطوة، لأن ذلك سيحول السلبيات إلى إيجابيات، تتمثل في تعزيز الثقة لدى الطفل، وتأكيد إمكانية استقلاليته، والاعتماد على نفسه مستقبلا، فيكون قادرا على تكوين الرأي واتخاذ القرارات المناسبة، وبالتالي يكون أكثر قدرة على العطاء في مجتمعه.