بعض الوجوه الفنية والإعلامية تصر بشدة على الإساءة لنفسها ولمشاهديها في لحظة زهو بالنفس أمام وهج الكاميرا من خلال إطلاق تصريحات لا تليق بهم ولا بالمشاهد!. ويزيد الطين بلة أن هذه التصريحات تخرج من رحم إعلام عربي يقتحم بيوت ملايين الأسر العربية.

يحدث ذلك، عندما يصر مقدم أحد البرامج الفضائية العربية على استفزاز الضيف وجره إلى أحاديث تتجاوز بأشواط طويلة عقلية المشاهد العربي وقدرته على تقبل ما يتم الخوض به من محرمات وتابوهات اجتماعية، من أجل شهرة زائفة مقابل تعريض ثوابت الأسرة العربية المحافظة لهزة مفاجئة وغير متوقعة من برنامج يفترض أنه جماهيري بامتياز.

يمكن تصور ذلك عند استدعاء إحدى حلقات برنامج "أبشر" التي عرضت على الفضائية الرزينة "إم بي سي -1"، وكانت ضيفة الحلقة المطربة اللبنانية أليسا، حيث صعقت المشاهدين بتصريح مفاده: أنها لا تمانع في الإنجاب وأن تصبح أماً من دون زواج!. وأن ذلك لا يمثل مشكلة بالنسبة لها!. ثم عادت وحاولت تصحيح هذه الهفوة البشعة بالقول: إنها تشترط في ذلك اعتراف الأب بالابن. وفي ظل مراوغة غير محمودة ومحاولة للتسلق على سلم المجد الزائف من قبل المحاور ومقدم البرنامج نيشان، وجدت أليسا نفسها مضطرة لتلطيف حدة تصريحها الخادش لذائقة المشاهد العربي، بالقول: إنها لن تفعل ذلك لخضوعها لمجتمعها الذي يستنكر مثل هذا الفعل، مؤكدة أنها ابنة بيئتها ولا تستطيع التمرد عليها!.

يا الله كم أنت متناغمة ومنسجمة مع بيئتك يا أليسا!. وكم كانت الحلقة موفقة في احترام قيم الأسرة العربية!. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في ظل تكرر مثل هذه التصريحات والحوارات التي لا تناسب البرامج الجماهيرية، هو: أي ضريبة لما بعد عصر الحداثة يجب أن ندفع من قيمنا وقيم مجتمعاتنا؟. وهل هكذا يجب أن يكون شكل التطور في مخاض التحول الاجتماعي؟!. وهل هذا هو القالب الحداثي للإعلام المرئي الفضائي الأصلح للانتقال بالمجتمعات العربية نحو الليبرالية الجديدة؟!.