ماذا تعني لنا ثورة الإنترنت..؟ وكيف نقرأ عمليات الحراك الاجتماعي التي تنقلها إلينا جميع وسائطه؟ هل نخاف منها أم نتخلى عن الحرص الزائد بمعالجة أسباب الخوف منها؟ للأسف لم تستفد بعض الدول العربية خلال السنوات الثلاثين الماضية من ثورتي الاتصال والمعلومات التي غطت العالم المتمدن بسبب الخوف منها فبقيت مجمدة في ذيل قائمة الدول المستفيدة من حرية المعلومات. وللأسف لم تدرك مرة أخرى فداحة أن تكون في ذيل القائمة، إلا وهي أمام ثورة معلوماتية أخرى من نوع جديد وأكثر جرأة. فتحت وسائط الإنترنت أبوابها معلنة أنها تيار عولمي لا يمكن الوقوف أمامها.. ولكن يمكن التعايش معها إن أحسنا التعامل مع تقنياتها وأستوعبنا استحقاقاتها الاجتماعية. ترى هل ستمكث الدول العربية مرة أخرى تحت سقف حرية المعلومة؟
أمامنا اليوم عالم جديد.. يتغير أمام أعيننا بسرعة متلاحقة وغير مسبوقة. نتج عنه (الإعلام الاجتماعي) Social Media وهو إعلام شخصي وسائطه: الجوال والإيميل ومواقع الإنترنت، الفيس بوك واليوتيوب والتويتر. يعطي ملكيته لكل إنسان: فقير وغني، أميركي وعربي، أوروبي وأفريقي على حد سواء فيستخدمه كيف يشاء ومتى يريد لإيصال صوته إلى كل بقعة في العالم مخاطباً أفراداً وجماعات ومؤسسات مدنية وسياسية. فمن كان يتخيل ولو للحظة واحدة قبل خمس سنوات أن الجوال أصبح اليوم ثاني أكبر شاشة في العالم بعد التلفزيون.. ويصبح في يد كل واحد منا يذيع منه ما يريد بالصوت والصورة إلى العالم بعيداً عن الإعلام التقليدي.. ومتفوقاً عليه بشبكات التواصل الاجتماعي.
التعايش مع هذا العالم الجديد يستوجب منا التسليم بواقعية ثلاث حقائق جديدة أفرزتها ثورة الإنترنت: أولها، أن معظم صناع ومستخدمي وسائط الإعلام الشخصي وشبكات التواصل الاجتماعي الجديد هم الشباب. وهم في الدول العربية يشكلون أكثر من نصف السكان. ثانياً، لم يعد هناك شيء ما خلف الأبواب المغلقة فكل شيء أصبح صفحة مقروءة في الداخل وفي الخارج. ثالثاً، مناعة وصلابة مواقع المعلومات، حيث لا يمكن حجبها بصورة كاملة لتعدد المنافذ البديلة لنشرها. ولنا في أحداث إيران الأخيرة مثال على الدخول للتويتر من منافذ جديدة، كذلك مثال آخر من تقنية قوقل الأخيرة لتحويل الرسائل عن طريق التليفون الثابت برهانا على شعبوية عولمة التقنية.
علينا أن نؤمن بأن مستخدمي الإنترنت يحبون بلادهم ويعتقدون أن الجميع يشتركون في المسؤولية وبالتالي ينغمسون في مناقشة مستقبل بلادهم من خلال وسائط الإنترنت. وعلينا أن نستمع لهم ونشاركهم الرأي فهم أصحاب أجندة مخلصة لبلادهم تستوجب الشفافية وتبادل الثقة. ويكفي أنهم يدعون لعدالة اجتماعية ومحاربة الفساد.