المشكلة واضحة وضوح الشمس، وقد كتبت وكتب عنها غيري مرات كثيرة، يعرفها ويعاني منها المواطنون في جميع مناطق المملكة، ويعرفها الوزراء المعنيون بمشاريع وخدمات البنية التحتية ولا أدري إن كانوا يعانون منها أم لا، لكنهم قطعا يعرفونها، وأعتقد أنهم يعرفون حلها ولكن!، وعند "لكن" هذه سأقول إنه منذ أن بدأت مشاريع التنمية في المملكة والمشكلة موجودة وواضحة، فما أن تنتهي البلدية في أي مدينة من مشروع ما، حتى تبدأ جهة أخرى في الحفر في نفس المكان لتنفيذ مشروع آخر وما أن تنتهي حتى تبدأ الأخرى وهكذا دواليك، والطريف هنا أن حتى الجهة التي سبق أن حفرت ودفنت تعود للحفر مرة أخرى للصيانة أو الإضافة وهنا تستغرق وقتا أطول وكلفة أكبر لأنها لا تدري أين حفرتها السابقة ولهذا تستخدم "غوغل" الكريك والمسحاة، وقد تحفر حفرة جهة أخرى وقد تخرب عليها وهكذا إلى أن تجد أين وضعت "كيابلها" أو مواصيرها، ينطبق ذلك على المشاريع الكبرى مثلما ينطبق على التوصيلات المنزلية، والسؤال الذي يتردد منذ نصف قرن لماذا لا يتم التنسيق بين كل هذه الجهات من أجل الاشتراك في حفرة واحدة يتم حفرها وتجهيزها مرة واحدة لتستوعب كل الخدمات التي تتنازعها الوزارات المختلفة وتطبع عدة نسخ من مفتاح هذه الحفرة بحيث تحصل كل جهة خدمية على نسخة منه لتتمكن من فتح باب الحفرة متى شاءت للصيانة أو إضافة تمديدات أو التقاط صورة للمسؤول وهو يتفقدها، أو يفتتح نصيب إدارته منها؟
لماذا لا يتم هذا؟ إليكم أحدث إجابة، يقول وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين: (إن تضارب مواعيد مشاريع الوزارات في المواقع بحيث تعمل كل جهة منفردة في تنفيذ مشروع يخالف زمنيا موعد عمل مشروع جهة أخرى مما يضر بالبنية التحتية ويتسبب في ازدياد الحفر الوعائية يعود إلى عدم توافق الاعتمادات المالية، ومن الصعوبة إيجاد هيئة تنسيقية وزارية للمشاريع في ظل اختلاف مواعيد الصرف) "عكاظ يوم الأحد الماضي"، إذن الخلل كما قلت واضح والوزراء يعرفونه ويعرفون سببه المتمثل في عدم توافق الاعتمادات المالية، وهم ـ أقصد الوزراء ـ تبعا لذلك يعرفون الحل المتمثل في توافق الاعتمادات المالية فهل يمكن إيجاد صيغة أو نظام لتحقيق هذا التوافق وبالتالي التنسيق بين كل الجهات المعنية بالبنية التحتية من أجل الاتفاق على حفرة واحدة لمشاريعهم؟ أعتقد أن ذلك ممكن ومتاح بل وسهل فمصدر المال واحد والمشكلة واحدة والوزراء يعرفونها والبلد كلها تعاني منها، ومجلس الوزراء جهة تشريعية وتنفيذية في نفس الوقت فلماذا لا يعمل ويشرع حلا للمشكلة، والحل ليس ابتكارا فهو موجود في كل دول العالم؟ أليس الأمر مثيرا للدهشة والحيرة، لا يوجد أي تفسير مقنع أمامي سوى ـ لكن ـ التي وضعتها أول المقال وأضعها هنا دون أن أعرف ماذا أضع بعدها ولهذا أسألكم، طالما المشكلة معروفة ومزمنة وحلها معروف ولكن! لكن ماذا؟ اجب لو سمحت.