• في كل بيتٍ.. تعب، مثلاً؛ عجوز لم يثق طيلة حياته بغير الفتنة، ولم يصدق أن الغرائز بوسعها أن تلوّث الأرواح، عاش وهو ينتظر أن يحصل على حلمه، وحينما يتعب أنه لم يأت شيءٌ أو أثر من حياته، ينتصب أمام المرآة، ويتفقد جسده مفصلاً مفصلاً، وعكفةً عكفة، ثم يتمتم بشتائم مقذعة دون أن يشعر بما يقول، وفي كل مرة يعرف أنه لن يتذكر أي شيء فيما بعد!.

http://www.youtube.com/watch?v=EPAGbi9w_2g

• ومثلاً.. أحدٌ ما خسر حبيباً، لم يعرف السبب الحقيقيّ لتلك الخسارة، دوماً هناك أسبابٌ كامنةٌ في العتمة. فكّر في ملامح ذلك القرين عندما رآه آخر مرة، ثم تيقن أنه لا بد وأن خسارته وقعت بسبب تافه.

أتعبه أنه لم يفهم إلا بعد فوات الأوان أن صديقه ذاك مثل كثيرين من البشر؛ يسرقون أشياء من حياة بعضهم بالضحك والنفاق. يحدث أن يسرق الأصدقاء بعضهم أيضاً، كان بوسعه أن يغفر لولا أنه أخطأ منذ اعتقد أن لصديقه جناحي ملاك.

تأمل القصة كلها ثم فكر أن الرجال عندما يخسرون ما يحبون يصبحون أكثر صمتاً. بأية حال لا يوجد رجل ساكت لا تنطوي عيناه على خسارة كبيرة!.

• ومثلاً.. امرأة تخسر رائحة الوقت، حيث الكآبة لها شكل واحد، تظهر مثل بقعة حبر عشوائية وكبيرة، لكن تلك المرأة التي في كل بيت، وبالرغم من أن بقعة الكآبة التي ترزح تحتها محكمة الاستدارة، إلا أنها دائماً تنتظر بيأسٍ وتعب صدفة نجاةٍ غير مفهومة، لكنها إذا عثرت عليها في ورقةٍ أو عنقٍ أو في باطن كف، فإن تعبها وكآبتها تنزاح عن رأسها في غمضة عين، كما تزيح عن رأسها اللحاف حين تستيقظ.

المرأة التي لا تحصل على صدفتها ستفكّر على الدوام أنها لم تعد مقنعة لأي صباح!.

• ومثلاً.. جدارٌ ليس به نافذة، شاخص بجمود محيّر في وجه التعب، هو وحده الذي يرتدّ منه صدىً باهتٌ لأصوات النقرات والأشياء، جدارٌ لا تعني له شيئاً صراعات الرأي، ولا معدلات الفقر والجريمة، ولا حتى الخروج المقزز للمنتخب السعودي من بطولةٍ رديئة ومتأخرة، اسمها كأس آسيا، ولا السيول التي اجتاحت جدة، ولا يولي بالاً لأحداث تونس ومصر، ربما لم يسمع بها أصلاً، فقد اعتاد وبلا خجل أن يقضي عمره دون أن يفكر ولو لمرةٍ واحدة؛ إن كان هناك حقّا ما يستحق في الخارج!.