يقول المفكر الأميركي الشهير فريد زكريا مساء البارحة تعليقاً على دراما مصر: إنها شاقة طويلة مثل – الماراثون – الطويل، وما حصل مساء الجمعة لم يكن سوى صفارة البدء، ومازالت مصر في المتر الأول. ولأن الثورة في أي مكان تبدأ يومها الأول مثل طفل وليد يحتاج لأعوام كي يقف على قدميه فإن السؤال: من هو الذي سيقطف ثمار الثورة؟ والجواب أن الذي يقطفها هم أولئك الذين يمشون على القدمين ليلة ولادة الثورة. حكام مصر الجدد وجهاز إدارتها الأوتوقراطي القادم لن يكون بكل تأكيد من شباب ميدان التحرير، ومن السذاجة بمكان أن يظن أحد أن وائل غنيم سيكون أمين المؤسسة الرئاسية أو أن أحمد ضيف سيكون حارس سياسات الثورة. شباب التحرير من الميدان عليهم العرق ومن ثم البقاء تحت قشرة – الجذور – فيما سيركب الأغصان لقطف الثمار كل الآتين من خلف الستارة. هذه هي جوانب البؤس في الثورة. إن الذي يفعلها يذهب للمجهول بينما المجهول في الأصل هو من يقطف الثمرة. الاستثناء الواحد هي ثورات العسكر ولكننا نتحدث عن الثورة المدنية.

تستطيع أن تتلمس البراهين عبر دلالات التاريخ المقاربة. قاد الشباب المدني الصرف ثورة إيران ولك أن ترى ملامحهم عبر صور – الجوجل – وأن تقرأ طموحاتهم في بلد جديد وهم يملؤون ميدان الاستقلال في العاصمة ثم ماذا بعد: نعرف جيداً من قطف هذه الثمرة ونعرف كيف كانت نهايات ذلك (العرَق) الشبابي وهم يكتشفون أنهم إنما كانوا وسيلة للذين (كانوا يمشون على أرجلهم) في زمن (الحبو) الشبابي ثم اكتشفوا بعد ثلاثين سنة أيضاً أنهم بحاجة للعودة للميدان والبدء من نقطة الصفر. يكتشفون أيضاً أن النخب التي قطفت ثمار العرق والتضحية قبل ثلاثين عاماً هي من يقوم بعدها بثلاثين عاماً أيضاً بملاحقتهم في ذات الميادين في نسخة جديدة متشابهة. وعوداً على البدء: هناك فارق جوهري هائل بين برتقال المتر الأول وليمون نهايات الماراثون: بين من يزرع ومن يقطف. بين آمال الشباب وأجندة النخب. بين من يعمل وبين من يراقب ليقطف من زاوية عليا ليكون بطل المسلسل عندما تفتح الستارة.