تقول معلومة الإحصائية المكتوبة بين يدي إن هذه (الشركة) العملاقة العابرة للقارات تمتلك في مصنعها الذي يغطي بإنتاجه ثلاث مناطق طارفة ما يزيد بقليل على ألف سيارة توزيع تخرج كل صباح أو مساء من بين خطوط الإنتاج. ثم إنني هنا أتحدى أن تجد خلف هذا الأسطول التجاري العملاق بطاقة أحوال سعودية وطنية واحدة في شركة من الاسم الثقيل ومن العلامة العولمية الشهيرة المسجلة. وأكثر من هذا فإن هذا الأسطول الذي يدفع في شوارعنا بألف - وظيفة - توزيع، يستلزم على الأقل ربع العدد من وظائف التحصيل والمتابعة والإعلان وترويج المنتج. ثم لاحظوا أيضاً أنني لا أتحدث عن المصنع الأساسي ودورة الإنتاج والتصنيع، وإنما عن مئات الوظائف خارج البوابة من تلك التي لا تحتاج أسطوانة القطاع الخاص المشروخة عن الكفاءات والخبرات. كل القصة بائعو منتج ومحصلو نقود ومندوبو مبيعات. أتحدث عن شركة تذرع كل نجاح الأرض بأرباح هائلة. توظف أبناء كل بلد تذهب إليه وأتحدى أن تجد أجنبياً واحداً في كل البلدان التي تبني فيها مصانعها إلا هنا، فلماذا نظل نحن هنا قصة مختلفة؟ نحن قصة مختلفة لأننا بكل صراحة لا نملك القانون الذي يجبر مئات الشركات العابرة للقارات أن توظف أبناءنا كشرط أساسي لدخول سوقنا العملاق الذي يسيل له كل لعاب، وصدقوني أننا لو فرضنا كل شروطنا لظلت هذه الشركات تتنافس على الكعكة الذهبية. نحن أكبر سوق استهلاكي لا يقل في شيء عن أميركا وأوروبا ونحن الهدف الذهبي الذي تسعى كل شركات العولمة لأن تصل إليه. أشعر بالحزن الشديد لأن هذه الشركات العابرة للقارات تتعامل معنا فقط كأراضي مصانع مستأجرة وأشعر بالحزن الأشد لأن آلاف الوظائف المتاحة في شركات العولمة بالمرتب القياسي لا تجد القانون الصارم بينما أبناؤنا مجرد مستهلكين وعالة على الأرصفة. أشعر بالألم وأنا أتناول شطيرة - الهامبورجر - من يد فرنسية في باريس وأدفع قيمة مشروبي الغازي ليد ماليزي في كوالالمبور. هؤلاء فرضوا شروطهم على هذه الشركات العابرة للقارات وهؤلاء هنا يعبرون شوارعنا بألف سيارة في اليوم وجيوبنا بألف مليون من الأرباح في العام الواحد.