نقلت لنا وسائل الإعلام لقاءات المسؤولين في المملكة على مستوى وزراء ومسؤولين في هيئة حقوق الإنسان بالمملكة مع وفد هيئة حرية الأديان الأمريكية.

وشرح لهم جميع المسؤولين سماحة الدين الإسلامي الذي يكرس القيم العالمية مثل العدالة والمحبة والسلام والتسامح كثوابت للدين الإسلامي الذي يعتبر منهج المملكة العربية السعودية الذي قامت عليه.. وأوضحوا لهم أن هذا النهج هو الذي تقوم عليه مناهج التعليم التي يتشرب منها الطلاب قيمهم.. وأن تلك المناهج تتعرض باستمرار للتطوير والتحديث بما يتلاءم مع العصر ليس إملاءً من أحد ولكن وفق السياسات التي وضعت لتطوير مختلف أوجه التنمية وقد تحقق لتلك المناهج مستوى جيد لن تقف عنده بل ستستمر عملية التحسين والتطوير ضمن سياسات وخطط محددة ومستمرة. ودعمت هذه الشروحات بأدله وأمثلة وتم الاستشهاد بآيات من القرآن الكريم والسنة الشريفة وأمثلة من المناهج الدراسية لأن المتلقي يحتاج إلى شواهد وبراهين على صدق الحديث.

وبعد هذا كله يفترض أن يكون لذلك تأثير كبير على قرارات وتوجهات تلك اللجنة.. وعلى ما ستقوله عند عودتها للمسؤولين وأصحاب القرار في البيت الأبيض والكونجرس بشقيه وينعكس ذلك على دراسات وأبحاث مراكز البحث Think Tanks لديهم في تغيير نتائج دراستها السابقة عن المملكة وتعليمها وقيمها التي وشحتها بالسواد في دراسات سابقة.. ليس هذا فقط.. فقد لفت انتباهي وجود أحد أعضاء هذا الوفد الذي قام بالإشراف على دراسات عن مناهج المملكة عام 2006 في مركز حريات الأديان التابع لمعهد هدسن الأمريكي بالتعاون مع مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية المعروف بتحيزه السلبي ضد المملكة.. خرجت فيها بنتائج غير دقيقة ونستطيع القول إنها غير صحيحة بالكامل حيث أخرجت بعض الكلمات عن سياقاتها وظهرت بعض التفسيرات المغلوطة لتظهر الدراسات مناهجنا بصورة مغلوطة ومغايرة للواقع. ولم يكتف بذلك بل نشرت نتائج الدراسات في صحيفة الواشنطن بوست الواسعة الانتشار وتم اجتماع فريق الدراسة بالرئيس الأميركي وبمسؤولين في الكونجرس فيما اعتبره تأليبا وتحريضا للقيادة على المملكة ودينها وقيمها ومناهجها.

ونتيجة لذلك بذلت السفارة السعودية في أمريكا جهدا كبيرا عن طريق سفيرنا في أمريكا آنذاك الأمير تركي الفيصل لتصحيح الصورة للمركز المذكور والرد على ما جاء في تلك الدراسة .. إلا أن نفس الباحثة التي كانت ضمن وفد حرية الأديان الأمريكية الذي زار المملكة مؤخراً .. ونفس المركز قام بإعداد دراسة أخرى عن نفس الموضوع عام 2008م سماها "تحديث" (Update)، خلصت فيها إلى نفس النتيجة ليقولوا في تلك النتيجة: "إن المملكة العربية السعودية حركت الأثاث ولم تنظف المنزل".

ولهذا فإن السؤال المهم جداً والمطروح هو: بعد لقاء الوزراء والمعنيين وتوضيح الصورة والإجابة على الاستفسارات: هل سيقومون بالرد على الحملات ضد المملكة وقيمها ومناهجها بناء على ما سمعوه وعلى ما استوضحوه وتبين لهم حقيقته؟

المفروض أن يكون هذا من أهم واجباتهم بعد أن يعودوا. فالموضوعية والأمانة التي يؤمنون بها والتي تعتبر من أهم قيمهم تقتضي أن تتصدى تلك اللجنة لكل استفسار أو هجوم .. بل إن الموضوعية تقتضي أن يفعلوا كما فعلوا عند إعداد دراساتهم السابقة بأن يقوموا بنشر نتائج اللقاءات وما سمعوه فيها وما تبين لهم من حقائق وما تلقوه من ردود على استفساراتهم في نفس الصحف التي نشروا فيها نتائج دراساتهم السلبية عن المملكة, وأن يقوموا بمثل ما قاموا به عند نشر نتائج دراساتهم السلبية وأن يعرضوا نتائج لقاءاتهم والصورة الواضحة التي تبينت لهم للقيادات الأمريكية وعلى نفس المستوى الذي شرحوا فيه نتائج دراساتهم السلبية .. هذه هي الموضوعية وهذه هي الأمانة .. وتجاهل ذلك يجعلنا نحكم على اللجنة بالتحيز وعدم الموضوعية .. وإلا فما هي فائدة الزيارات واللقاءات العالية المستوى.. وما هي فائدة الحوارات والمناقشات إذا كانت نية التحيز مبيتة.

لقد حظيت اللجنة بلقاءات مع مسؤولين في المملكة يحترمون كلمتهم ويحترمون مسؤولياتهم ويحظون بالثقة وتحمل مسؤولية ما يقولون فيما لا يدع مجالاً لعدم مصداقية ما يقولون.. وقال لهم هؤلاء المسؤولون إن ديننا يحث على البر مع من يتم التعامل معه والإقساط إليهم بمن فيهم من يختلف معهم في الدين "لا ينهاكم الله ..." الآية. وإن مواطن بلادنا يستشعر سماحة دينه وعالميته وخصوصيته الحضارية .. ويعرف تمام المعرفة أن من تعاليم الإسلام عدم الإكراه "لا إكراه في الدين" في توجه واضح بأن كل شيء يقبل الإكراه إلا الفكر والمعتقد وكل شيء يمكن تحويله بأدوات الفرض ما عدا القناعات والأفكار لأن الإسلام يضمن التمسك بالقناعات ما لم تخرج عن إطارها المسموح به ومن ذلك الإساءة والخروج عن النظام والتعدي على حريات الآخرين. وأن المملكة تنتهج المنهج المعتدل منذ تأسيسها، كما أنها تلتزم مبدأ الحوار البناء. وقد تم استعراض العديد من القضايا مع اللجنة منها المناهج والإرهاب والتطرف والتعامل مع الآخر. وبما أن هناك من أعضاء اللجنة من لا يزال يعتقد ويصر على أن مناهجنا تدعو للتطرف وتحرض على الآخر والذي يظهر جلياً من خلال كتاباتهم التي كان آخرها ما كتبه أحد أعضاء هذه اللجنة في 29 يونيو 2010م في NRO حول تطرف مناهجنا .. فقد تم توضيح الصورة لهم والإجابه عن استفساراتهم .. والأمل أن تكون هذه اللجنة قد وعت ما سمعت وأن تقوم بما هو مطلوب منها في توضيح الصورة حرصاً على تكريس القيم العالمية التي نشترك في الإيمان بها والعمل بموجبها في سبيل الوصول إلى عالم يحفه السلام وتكتنفه الطمأنينة ويلفه التسامح.