الاعتقاد السائد بأن العنصر النسائي في تنظيم القاعدة يأتي غالباً تابعاً لرغبات ومعتقدات الولي كالزوج والأخ والأب والذي يكون منخرطاً في الأعمال الإرهابية وليس نابعاً عن اعتقاد داخلي أو اعتناق للفكر المتشدد عن قناعة وإيمان ليس صحيحا على الإطلاق.
فبالرغم من وجود تلك الحالات بكثرة والتي كانت النساء فيها ضحايا للولي (الزوج أو الأب أو الأخ) صاحب الفكر المتطرف , إلا أن هناك حالات عديدة قامت فيها المرأة بأدوار كبيرة في نشر الفكر المنحرف والدفاع عنه والترويج له بالكتابة والمناظرة عبر الإنترنت وبالدعوة في أوساط النساء بطرق مباشرة وغير مباشرة.
ولعل مجلة "الخنساء" النسائية التي صدر العدد الأول منها في شهر رجب 1425 عما يسمى بالمكتب النسوي بجزيرة العرب تبرز الأدوار التي لعبتها المرأة القاعدية على المستوى الفكري والتأصيلي , وليس في الدعم اللوجستي والخدمات المساندة فحسب، كما يعتقد البعض أن دورها اقتصر على إعداد المشرب والمسكن وتوفير الراحة للزوج وإيواء رفاقه وخدمتهم.
فلم تكتف المجلة بتوجيه خطابها إلى النساء فحسب وإنما اعتمدت في أغلب موادها ومقالاتها على طاقم نسائي برز من خلاله مدى إدراك المرأة القاعدية وتعمقها في الكثير من القضايا الفكرية التي حاولت تأصيلها والذود عنها وفق منهج التنظيم الفاسد.
تقول أم أسامة المسؤولة السابقة لمجلة الخنساء في حوار أجرته معها "الوطن" حول أدوار النساء في التنظيم: "انتشارنا فكريا كان بنسبة 80 %، عن طريق الإنترنت، في هذه الطبقة توجد ناشطات كثيرات، لدينا منتديات وقوائم بريدية وخطط كثيرة لدعم التنظيم فكرياً، ووصلتنا إرشادات كثيرة من قادة التنظيم حتى من أسامة بن لادن امتدح فيها المجاهدين والمجاهدات عبر الإنترنت".
مشاركة المرأة في الجانب الفكري لتنظيم القاعدة امتدت أيضا إلى تأليف وإعداد الرسائل والكتيبات والمطويات ومن أمثلة ذلك رسالة بعنوان (يا نساء دوركن .. فقد نام الرجال) من 15 صفحة نشرها موقع صوت الجهاد لمن أسمت نفسها بـ"منى صالح الشرقاوي" تكرس فيها المؤلفة منهج التطرف والغلو والتكفير مخاطبة بنات جنسها على وجه التحديد داعية إياهن إلى عدم التباطؤ في نصرة الدين والاتكاء على الرجال فتقول: "فيا من أكرمك الله ورفع قدرك لا تحقري من المعروف شيئاً ، فتتباطئي منتظرةً دور الرجال في نصرة دينك وتتكاسلي في خدمته وأخُصُّ من ذلك فروض الأعيان فلا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك ، فلا تتهاوني وتَفَكَّري معي في واقع أمتنا المرير وكيف تخاذل عنه أكثر رجالاتها في الوقت الذي يسام فيه أهل الإسلام سوء العذاب". وتعتمد الشرقاوي في رسالتها منهج التحريض ضد العلماء معتبرة إياهم أدوات يستخدمها الصليب في تحصيل مآربه وقضاء حاجاته , محذرة من الانخداع وبخاصة شباب الإسلام وأنهم من الساعين لمصالحهم الشخصية وشهواتهم وملذاتهم وليسوا غيورين على أمتهم ودينهم.
وتمضي الرسالة في عرض أهم الأمور التي ينقهما المنتمون للقاعدة على العلماء وهي اعتقادهم أن العلماء تقاعسوا في بيانها وهي تطهير جزيرة العرب من رجس الصليبيين والكفر بالطاغوت وبيانه للناس وبيان حكم الله في أهل الردة الذين خرجوا من الدين بالكلية، محذرة النساء من الانخداع بالعلماء على حد تعبيرها إذ تقول: "لا تخدعنك زخرفة فتاوى العلماء والمشايخ , ولا تكن غيرتك على سمعة هؤلاء المشايخ فوق غيرتك على حماية جناب التوحيد وحرمات الله".
وبذلك تتضح خطورة دور المرأة في التنظيم والتصاعد المطرد للوصول إلى التنفيذ الفعلي للعمليات في حال فشل الرجال فيها بسبب التضييق الأمني وحساسية وضع المرأة.