الحضور الإعلامي القوي لـ"أسطول الحرية"، خصوصا بعد الاعتداءات الإسرائيلية عليه، وقتل وجرح عدد كبير ممن كانوا على متنه، وما تبعها من تنديد أممي، ومطالب متعددة بفك الحصار عن "غزة"، كل ذلك، كان نتيجة جهود متراكمة، لشبان وفتيات، وناشطين أخذوا زمام المبادرة، وأعدوا العدة لكي تكون مهمة الأسطول "ناجحة"، رغم العراقيل الإسرائيلية، والعنف الذي جوبه به الركاب العزل. حكايا كثيرة على ظهر سفن الأسطول، كان "نجومها"، أشخاص من جنسيات وأديان ومذاهب، وتيارات فكرية مختلفة، اجتمعوا على حب "فلسطين". حضور جزائري بلد المليون شهيد، الجزائر، كان لها نصيبها في "أسطول الحرية"، وكانت حاضرة بفعالية منذ ما قبل التحرك، إلى ما بعد الاحتجاز الإسرائيلي للسفينة الجزائرية، حيث شارك عدد من الرجال والنساء الجزائريين، مادين يد العون لإخوتهم في "غزة". ومن هؤلاء المشاركين، الشاب عز الدين زحاف، عضو منظمة "شمس" الجزائرية، الذي يبلغ من العمر 23 عاماً، والذي يقول عنه أعضاء منتدى "فور شباب" http://www.4shbab.net، أنه "كان مشاركاً فاعلاً في نصرة القضية الفلسطينية، وشارك بعدّة أنشطة توعوية وتضامنية، في إطار الحرب الغاشمة على غزة". ومن الشاب المشاركين أيضا، فتى عشريني، هو مصطفى مقري، عضو منظمة "شباب لأجل القدس"، ومسئول "مصلحة المشاريع بأكاديمية "جيل الترجيح"، الذي أفاد رفاقه أن "القدس والقضية الفلسطينية لا تغادران أحاديثه وأفكاره. إذ أنّها حاضرة في كيانه، قلبا وقالبا، فلا يترك مجلسا إلا وكانت فلسطين أساسه وجوهره". الإمداد الإخباري الشابان زحاف ومقري، اللذان نشطا في نقل أخبار الأسطول، ساعة بساعة، انقطعت أخبار "وكالة"أنبائها، بعد المحاولات الإسرائيلية للتشويش، وقطع الاتصالات بين أسطول الحرية والعالم. فقد ظل الشابان ينشطان في تغطية دائمة وفاعلة، منذ أن تحرك الوفد الجزائري، من مطار "هواري بومدين" بالجزائر العاصمة، يوم السبت 22 مايو الماضي، نحو مدينة اسطنبول التركية، والتي تم الوصول إليها عند الساعة السادسة والنصف بالتوقيت المحلي، ومن ثم التوجه إلى مدينة انطاليا التركية، حيث اجتماع الوفود المشاركة، والتي انطلقت منها الوفود عبر البحر المتوسط إلى قطاع "غزة". وقد كان دور الشابين جليا في "التغطية الإخبارية المباشرة" للوفد الجزائري، ساعة بساعة، ولحظة بلحظة، حيث كانا يمدان المواقع الشبابية المشتركين فيها، والمواقع الاجتماعية على الانترنت،  بالصور والمعلومات الحديثة، وبذلك تحولا لمصدر تابع من خلاله الجزائريون مجريات سير "أسطول الحرية". تقول إحدى أعضاء  منتدى "فور شباب"، في حديث لـ "الوطن"، إن "تغطية زحاف ومقري كانت متميزة، بل تفوق تغطية الصحفيين الآخرين، حيث اطلعنا من خلالها على أحداث داخلية بين الوفود، لم تنقلها وسائل الإعلام الأخرى"، وبحسب المتحدثة فإن وسائل الإعلام "لم تركز على الحيثيات التي يردها الشباب العربي والمسلم، من خلال هذه الحملة. فقد ركزوا على البعد الثقافي والشعبي، فيما يصل إلى عقول الشباب" وتشير أيضا في معرض حديثها "إن زحاف ومقري شابان أثبتا للعالم بأسره، وفئة الشباب خصوصاً، أن القضية الفلسطينية، ومن خلال الجهود والمبادرات الشبابية، ستكون في مأمن، مهما حاول الساسة العرب إدخالنا في سراديب المفاوضات المظلمة".  وتؤكد "بلغة حازمة"، أنه "لا تزال الذكرى الأليمة للحرب الشنيعة على قطاع غزّة المحاصر تعاود أثرها في كل القلوب والأنفس البشرية، لكن صدور الشباب وأفئدة الشرفاء سرعان ما تلملم دموع الأسى وضعف الحيلة، محوّلة إيّاها إلى عزيمة صلبة ونفس قويّة وعطاء لا محدود". وكانت آخر عبارة زحاف ومقري، والتي انقطعت بعدها أخبارهما الصحافية، هي"سنوافيكم بإذن الله بآخر تطورات، رحلة أسطول الحرية نحو غزة الصامدة و كل تفاصيل ذلك حصريا، على صفحات منتدى فور شباب، والله الموفق". وإلى هذه اللحظة، لا يعلم أي شيء عن الحال الصحية للشابين، وما سيئول إليه مصيرهما، بعد أن قتلت، وجرحت، واعتقلت القوات الإسرائيلية أعضاء الوفد. فلسطين حاضرة "الوطن" هاتفت نائب رئيس تحرير صحيفة "الشروق" اليومية الجزائرية، مصطفى فرحات، وسألته عن تجربة الشباب الجزائري، مع "أسطول الحرية"، فأجابنا قائلا "إن الشابان الجزائريان، ورغم انقطاع الاتصالات معهما، ومع كل وفود أسطول الحرية، إلا أنهما أثبتا للعالم أن القضية الفلسطينية وأبعادها لا زالت متجذرة في قلوب وعقول الشباب الجزائري، وفي هذا رسالة واضحة لكل من شكك بأن المنهج الفرانكفوني سيطر علينا، وقام بتغريب الشباب الجزائري، وأبعده عن مسار القضية المصيرية والمركزية للأمة، وهي فلسطين" فرحات أوضح أن "الشاب مصطفى مقري، هو شقيق أحد أبرز قادة حركة مجتمع السلم الجزائرية الإسلامية، وهو رئيس الوفد الجزائري في أسطول الحرية، الدكتور عبد الرزاق مقري". وبحسب فرحات، فإن "عدد أعضاء الوفد الجزائري 32 شخصا، بينهم عشرة نواب برلمانيين، وعدد من الفاعليات المدنية من مختلف الأطياف السياسية". معتبرا أنه "من منبر الإنسانية الحقّة وغايتها النبيلة، يحتشد العالم بأسره في حملة تضامنية مع شعب تُعرف الحياة فيه فجأة، شعب ذاق طعم المعاناة حتّى النُخاع، لكنّه لم ينكسر، ولن ينكسر بإذن الله. حيث ينطلق أسطول الحريّة نحو غزة، والذي يحتوي على مجموعة سفن تركية، وأوروبية، وعربية، إضافة إلى السفينة الجزائرية الأكبر حجما وسعة، محملة بمواد البناء، من حديد وإسمنت وبيوت جاهزة، في محاولة لإعادة الاعمار في غزة، إضافة للمعدات الطبية والأدوية". هدايا الوفد الجزائري كتاب "لا مستقبل بين الأمم"، للقيادي في حركة "حماس" محمود الزّهار، الذي جاء ردا على كتاب بنيامين نتنياهو "لا مكان تحت الشمس"، جاء هذا الكتاب من بين الهدايا التي حملها الوفد الجزائري معه لأهل غزة، في طبعته الجزائرية، في نسخة قدّم لها كل من عبد الرزاق مقري، ورئيس جمعية العلماء المسلمين الشيخ عبد الرحمن شيبان، وذلك محاولة لسد عطش القراء لدى الغزاويين، الذين حاصرت إسرائيل ثقافيا وفكريا، بعد أن حاصرتهم في مأكلهم ومشربهم. وبحسب الشابين زحاف ومقري،  فإن الوفد الجزائري – كان هذا قبل الهجوم الإسرائيلي-  يتوقع العوائق والصعوبات التي قد تواجه الباخرة الجزائرية، والأسطول عموما، من قبل الكيان الصهيوني. فقد رأى الدكتور عبد الرزاق مقري، ومعه أعضاء الوفد الجزائري، أن كل شيء وارد في هذه "المناضلة الإنسانية المفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصا بعد تهديدات إسرائيل بأنها لن تسمح للأسطول بالمرور إلى مدينة غزة "، إلا أنّه وبالرغم من كل هذا وذاك، فإن "الوفود عصية على الانكسار، مستعدة للشهادة في سبيل إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة المحاصر"، كما أضاف أن "الكيان الإسرائيلي راسل عددا من الدول، سواء الأوروبية منها، أو حتى تركيا، لكنها لم تستطع ردع المشاركين، ولا الوقوف ضد ديمقراطية الأوروبيين، ولا اعتزاز الأتراك بهذا الإنجاز الإنساني، لذا لم تخاطب الوفد الجزائري أصلا، لأنها تعرف الإجابة مسبقا".  همجية إسرائيل، وإصرار جزائري، يعاضده همة عالية من أعضاء وفد "أسطول الحرية"، وشباب من أمثال مقري وزحاف، جعلوا الصورة الأممية لإسرائيل تخدش، حتى بات مجلس الأمن مضطرا للإدانة، ورفع الروس والأوربيون صوتهم مطالبين بفك الحصار عن غزة، والفضل، لمن خاضوا التجربة، فنجحوا، رغم العصي الإسرائيلية الدامية.