فيما يشبه التحدي أكد رئيس مؤسسة البريد السعودي الدكتور محمد بنتن أنه لا توجد رسالة بريد واحدة تأخرت عن موعد تسليمها لكائن من كان في المملكة. وقال بنتن في حوار مع "الوطن":"أتمنى أن يأتي لي مواطن أو مقيم ويقول لي بالرقم والتاريخ إن رسالته تأخرت أو فقدت"، لافتا إلى أن 90 % من الذين انتقدوا البريد لم يستخدموه ولم يجربوا خدماته. وعن الزيادة في أسعار الخدمة، قال بنتن: لم تكن هناك زيادة وإنما إعادة تنظيم لاستخدام الصندوق الشخصي للبريد بمئة ريال ولم تتغير، موضحا أن الصندوق كان يستخدم بطريقة مشاعة في السابق وقمنا باستحداث خدمة الصندوق الاجتماعي والتي تكلف 300 ريال لعشرة أشخاص، مما يعني أن اشتراك الواحد منهم 30 ريالا في السنة. وكشف بنتن عن مشروع العنونة الكامل لكل جزء في المملكة بما في ذلك المقابر، مؤكدا أن المشروع أصبح خيار الحكومة الإلكترونية ولا بد من استكماله. وبشأن تهشم صناديق واصل وهدر ملايين الدولارات، قال بنتن: ومن قال إنها كلفت الملايين، مستدركا أنها كانت فرصة استثمارية وضعتها الدولة للقطاع الخاص، ولدينا 22 شركة مستثمرة فيها (في الصناديق) مثل دلة وزينل وهانكو وغيرها.ويفترض بكل مواطن أو مقيم الحفاظ على الصندوق الموضوع على جدار منزله.

 




كانت طاولته تخلو من الأوراق.. قلت له فورا: "كيف لنا أن نتصور أن مؤسسة مسؤولة عن الورق ونقل الورق ورئيس مكتبها يخلو من الورق"؟!

"التقنية يا أستاذ.. نحن نعتمد على التقنية في 90% من أعمالنا.. التقنية هي الضمان الرئيسي لجودة الخدمة، لكن دون أن نغفل الاستثمار في العنصر البشري السعودي".

(قاطعته)"اسمح لي.. كيف لي أن أفهم حاجة الناس للبريد في ظل هذه التقنية التي تتحدث عنها وفي ظل وجود البريد الإلكتروني وغيره"؟!

(أجابني وكأنه كان ينتظر السؤال) "بالعكس التقنية ساعدتنا على تطوير خدماتنا.. نحن اليوم نتابع حركة المركبات البريدية عبر التقنية ونعرف مسارات الرحلات البريدية ومن خلال التقنية أيضاً نعرف مستوى الجودة ونعالج البريد آلياً.. أضف إلى ذلك أن المجتمع الآن يتحول إلى الحكومة الإلكترونية السوق الإلكترونية وكل هذه الخدمات بحاجة للبريد.. عندما تشتري سلعة عن طريق التقنية نحن من سيوصلها لك.. عندما تنوي تجديد رخصة القيادة عبر التقنية نحن من يرسلها لك.. البريد السعودي سيصبح الوسيط بين الطرفين"!

"بصراحة ودون مبالغة هل أنت راض عن مستوى البريد"؟!

"نحن الأفضل على مستوى الشرق الأوسط"!

عفواً؛ الأفضل في ماذا"؟!

في كل شيء يتعلق بالبريد".

 (قلت  محاولاً سحبه لمناطق الجدل) كيف الأفضل، والناس تشتكي من تأخر وصول الرسائل؟!

غير صحيح!

هناك مواطن يشكو من تأخر رسالته لعدة أيام"

 "أين هو هذا المواطن.. ما هو اسمه.. متى أرسل رسالته.. أين أرسلها.."

ألهذه الدرجة أنت واثق يا دكتور"؟!

(قال بهدوء هذه المرة) "اسمع مني.. أنا مثلك أقرأ أحيانا عن شكوى من مواطن حول تأخر وصول رسالته.. لكنني لا أعثر في الشكوى ما يؤكد صحتها.. أتمنى أن يأتي لي مواطن أو مقيم ويقول لي بالرقم والتاريخ إن رسالته تأخرت أو فقدت.

(وضعوا أمامي كوب قهوة.. كانت الساعة تشير إلى الرابعة عصراً في مبنى وزارة البرق والبريد والهاتف ـ سابقا ـ مؤسسة البريد السعودي حاليا على شارع الملك عبد العزيز ـ أحد أشهر شوارع العاصمة السعودية الرياض).

"لماذا البعض يهاجمون البريد بمناسبة ودون مناسبة"؟

(قال بلغة الواثق) صدقني 99%   من الذين انتقدوا البريد لم يستخدموا البريد ولم يجربوا خدماته.."

وماذا عن الزيادة في أسعار الخدمة؟!

لم تكن هناك زيادة؛ إنما كانت هناك إعادة تنظيم استخدام صناديق البريد.. الصندوق الشخصي بمئة ريال ولم يتغير..!

عفوا دكتور.. ورسوم الصندوق الجماعي؟!

 يا أخي .. الصندوق كان يستخدم بطريقة مشاعة في السابق وقمنا باستحداث خدمة الصندوق الجماعي والتي تكلف 300 ريال، لعشرة أشخاص، مما يعني أن اشتراك الواحد فيه 30 ريالاً في السنة!

بالمناسبة معالي الرئيس .. الناس يتحدثون عن صناديق (واصل) التي تهشمت فور تركيبها؟!

" الصندوق ليس جزءا من مشروع البريد".

(قاطعته) " أعذرني ؛ كيف أفهم أن الصناديق ليست جزءا من مشروع البريد؟

"قلت ذلك مرات كثيرة.. نحن نسعى للترقيم .. لكن الأرقام وحدها لا تلفت النظر.. كان لا بد من توجيه انتباه الناس للعنوان البريدي..فكان لزاما علينا وضع الصندوق حتى يعلم الناس أن هذا عنوان بريدي".

"معليش معالي الرئيس .. اعذر جهلي.. كيف تتهشم صناديق تكلف الملايين من أول لمسة من أجل لفت انتباه الناس"!

(قاطعني مبتسما) "ومين قال لك إنها كلفت ملايين"؟!

"لم أفهم"؟

"الصناديق فرصة استثمارية وضعتها الدولة للقطاع الخاص .. لدينا 22 شركة مستثمرة في الصناديق.. مثل دلة وزينل وهانكو وغيرها ، هم الذين تحملوا التكلفة وفائدتهم الإعلانات فقط".

هل تعانون معالي الرئيس من عدم فهم البعض لفكرة الصناديق؟!

"نحن، يا أخي، وهذه قلتها كثيرا، لم نقم بتركيب الصناديق اعتباطا.. الهدف كان واضحا وهو إشعار المجتمع بأن هذا الصندوق هو عنوان.. لا بد من لفت انتباه الناس إلى مشروع العنونة الضخم الذي قمنا بتنفيذه.. اليوم أصبح خيار الحكومة الإلكترونية حتمياً ونحن قلب المشروع.. وأول خطواتنا أن نستكمل مشروع العنونة".

لكنكم وضعتم الصناديق على المقابر؟!

"قلت لك هذا مشروع عنونة كامل شامل لكل جزء في المملكة العربية السعودية".

(قاطعته) لكن الصناديق تكسرت؟!

(رد بانفعال) هذه ليست مسؤوليتنا.. ليست مسؤليتنا أن نركب الصندوق ونضع عليه حارسا.. هذه مسؤولية المجتمع.. يفترض بكل مواطن أو مقيم الحفاظ على الصندوق الموضوع على جدار منزله.. إذا تم كسر الصندوق فهذه ليست مسؤولية البريد.. عندما يتم تهشيم جهاز صراف آلي أو إشارة مرور أو عمود إنارة هذه ليست مسؤولية الجهة الحكومية التي قدمت الخدمة.

اسمح لي معالي الرئيس .. ما الذي تريده منا.. هل تريد أن نحرسها نحن؟!

"يا أخي الصناديق موجودة في أغلب دول العالم.. لكن الناس هناك يدركون قيمتها وما الذي تعنيه وبالتالي يحافظون عليها ولو كانت مصنوعة من كرتون.

(لم يرن هاتفه الجوال أبداً.. مجرد رسالة واحدة وصلت إليه.. كانت أمامه على الطاولة شاشة كومبيوتر.. كان ينظر إليها بين حين وآخر)

تتابع الإنترنت؟!

مؤكد.. قلت لك إن عملنا في أغلب مراحله تقني بحت".

والصحافة معالي الرئيس هل تتابعها؟

أنا ابن الصحافة..هل تصدق أنني عملت رئيس تحرير لمجلة الجامعة أثناء الدراسة الجامعية!

"عام كم"؟

عام 1395هـ في جامعة البترول والمعادن زمنذاك ـ الملك فهد حالياً ـ

(قاطعته) ما رأيك في الصحافة السعودية الآن بصراحة؟!

الصحافة متطورة بشكل عام لكن المشكلة في بعض الكتاب؟

وما المشكلة؟

التحري.. التوثيق.. لا يهتمون لهذه الأمور.. بعض الطرح ليس في مصلحة البلد.. والغث يغلب على السمين.. لكن هناك كتاب لديهم طرح رائع".

(أعدت الحوار مرة أخرى إلى البريد..) هل تخشون منافسة فيديكس ودي إتش إل و..؟

(قاطعني قائلا) "لن أتحدث عن الآخرين.. أنا أحدثك عن البريد السعودي.. الشركات الخاصة تنافسنا في جزء من أعمالنا.. وهو البريد السريع.. لكن ضع في ذهنك أن مصداقيتنا كبيرة .. لدينا خدمة تقفي الأثر.. نحن أيضاً الأرخص سعرا.. لدينا أنظمة رقابية دقيقة جداً"

ما الجديد في البريد؟!

ندرس حاليا إنشاء شركة قابضة يمتلكها البريد السعودي ، بحيث يتم مستقبلا طرح أسهمها للاكتتاب.. الحمد لله إيراداتنا تنمو.. الثقة مرتفعة في أداء البريد.. الإقبال كبير.. البريد رابح بحمد الله وأغلب المصروفات استثمارية.. نحن ننظر إلى المستقبل.

هل أنت راضٍ عما تحقق خلال السنوات الماضية؟

"يا أخ صالح البريد السعودي أصبح قدوة في جميع أنحاء العالم انظر هنا ـ أشار بيده إلى الجدار ـ كل هذه شهادات تميز.. شهادات قياس أداء وليس مجاملات.. شهادات تفوق حصل عليها البريد السعودي.. نحن حصلنا على شهادات لم تحصل عليها إلا الأجهزة المماثلة في الجودة في العالم.. كيف عندما تعلم أننا نحظى بثقة كبيرة في الداخل.. لدينا مصداقية مع البنوك .. استلام وثائق المقبولين في الجامعات، لم يعد الطالب بحاجة للسفر ونجحنا نجاحا كبيرا، بشهادة الجامعات.. كل الوثائق والخطابات الحكومية بأيدٍ أمينة.. اسأل نفسك لماذا تثق بالبريد السعودي عندما تريد أن ترسل أوراقا مهمة؟!

(دخل علينا سكرتيره ووضع أمامه ورقة .. قرأها دون أن يقطع حديثه معي .. كانت الساعة تشير إلى الرابعة وعشر دقائقً).

هل لديكم لوائح للعقوبات"؟

لدينا لوائح عقوبات.. لكن لدينا لوائح أهم.. لدينا لائحة الثواب.. أهتم بالعقوبات لكن اهتمامي بالحوافز أكبر.. لدينا أكثر من 12 ألف موظف نريدهم أن ينظروا إلى لائحة الحوافز لا لائحة العقوبات".

هل أنت راضٍ عن تأهيل موظفي البريد؟

 "أغلب موظفينا مؤهلون.. كان عمل الموظفين في السابق مراسلين.. الآن تحول العمل إلى تقني.. عملنا يهدف لخدمة الجمهور.. يسعى على كسب رضا الجمهور.. كيف نطور خدماتنا الحالية، أو تقديم أخرى جديدة تلبي احتياجاتهم وتواكب تطلعاتهم من أصعب المهام التي واجهتها كانت تغيير مفهوم المهمة.. كيف تتحول إلى خدمي تجاري.. الناس لم يلحظوا التطور في الخدمة لأنهم لم يتفاعلوا معها، أضف لذلك الصورة الذهنية السلبية التي تكونت عن البريد على مدى سنوات طويلة.. البريد اليوم ينظر نحو المستقبل.. نحن نتحدث عن التجارة الإلكترونية وخدمات الحكومة الإلكترونية".

معالي الرئيس انتهى وقت اللقاء.. هل لديك شيء تريد قوله؟

"أريد أن أوضح أنه نظام لا بد لكل مواطن من عنوان واضح ملزم به قانونا.. اليوم لا يوجد مواطن في العالم الأول ليس له عنوان واضح ومحدد.. هذه نقطة.. النقطة الأخرى أغلب شؤون الحياة اليوم تعتمد على البريد.. لا بد من استشعار ذلك. سيأتي يوم قريب جدا لن يصبح فيه المواطن بحاجة لمراجعة الإدارات الحكومية. سنقوم بهذه المهمة نيابة عنه.. لقد بدأنا في تفعيل خدمات الحكومة الإلكترونية".