من المفهوم المحلي لـ" المشيخة" التي اقتحمت كل مجال حرفي أو مهني، حتى نصل إلى هرم "مشيخة المال"، التي يتحول فيها السارق إلى "رجل الأعمال..الشيخ فلان بن فلان"، يمكن أن تتحول الممثلة المصرية الشهيرة يسرا إلى "الشيخة يسرا"، وذلك بحكم تاريخها الفني الطويل و"نضالها" المجيد في معظم أفلامها ومسلسلاتها. فهي فعلا "شيخة الفنانات" حاليا. هذا ليس المهم هنا، لكن ما جاء بسيرة "الشيخة يسرا" أنها أصبحت وبعض زملائها الفنانين مثل عادل إمام وماجدة زكي ومحمد هنيدي خلال الأسبوعين الأخيرين مدار حديث طويل عريض في وسائل الإعلام العربية، بسبب وقوفهم ضد المتظاهرين، حيث صرخت يسرا «عايزين إيه؟! هو مش هيرشح نفسه تاني للحكم». أما عادل إمام فقد حاول التراجع وتبرير موقفه السابق، ربما حفاظا على خط الرجعة. وفي مقابل صوت "الشيخة يسرا" عاد إلى الأبصار والآذان، أقدم صوت فني معارض للأنظمة السياسية في مصر وهو الفنان الضرير"الشيخ إمام" بعد أكثر من 50 عاما من الحظر، حيث أصبحت أغانيه التي تتسم بالسخرية والتهكم على الأوضاع الاجتماعية والسياسية، مادة ثابتة في فواصل القنوات الفضائية التي تتابع الأحداث والمظاهرات اليومية. وبالطبع كل شخص حر في إبداء رأيه وتوجهه السياسي، ولا يجب مصادرة هذا الحق من أي جهة، إلا أن الكثير من التعليقات والآراء التي تناولت موقف المؤيدين لبقاء حسني مبارك من الفنانين، ترى أن هؤلاء الفنانين يعبرون عن مصالح شخصية، فهم لا يعرفون ـ حسب طرح هؤلاء ـ معاناة الطبقات المتوسطة والفقيرة ،لأنهم أصبحوا يملكون ثروات ضخمة، ويعيشون حياة بذخ، لا يريدون أن يعكر صفوها "شوية عيال صيع" كما يتم وصفهم في أفلام "الباشوات". وفي اعتقادي أن هذا الطرح أقرب إلى الحقيقة منه إلى التجني.

وإذا وضعنا الموقف السياسي لهؤلاء المشاهير وغيرهم من الفنانين العرب ومنهم السعوديون الذين يملكون قاعدة جماهيرية كبيرة جانبا، ونظرنا إلى دورهم الاجتماعي والإنساني المفترض تجاه محيطهم، يمكن أن نتساءل: كم مرة انضم فنان من هؤلاء إلى حملة تبرعات أو خدمة اجتماعية لقريته التي قد تكون مصنفة في خانة الفقيرة؟ وأين هؤلاء الذين يملكون الملايين عن واقع شعوبهم، وهم من يُسيل دموع التماسيح في أفلامهم ومسلسلاتهم عندما يتقمصون "زورا وتمثيلا" دور الفقير المعدم، ثم يخرجون بعد خلع الملابس وتنظيف المكياج، ليركبوا سيارات قد تصل أسعارها لمليون فأكثر، ويناموا في فنادق فوق النجوم المعروفة؟ ومن سمع بتبرع سخي قام به فنان ثري، لمشروع خيري بسيط؟