ربما يكون وائل غنيم المعبر الحقيقي عن صفاء الثورة المصرية. فهو لم يقبل أن يكون بطلا، لا بل إن رهافة إحساسه دفعته إلى البكاء عندما شاهد صور الشهداء خلال برنامج تلفزيوني، وغادر الحلقة وفي قلبه غصة.
لم يعد العصر يحتمل قادة دمويين لا يرف لهم جفن وهم يرون أبناء بلدهم يقتلون بأيدي جلادي النظام.
ترك وائل الحلقة التلفزيونية، ولكنه لم يترك ساحة الاعتصام. عاد مفعما بإيمانه بالقضية التي نشرها على الفيسبوك والإنترنت والتي أنتجت هذه الثورة التي دفعت بالنظام إلى تقديم التنازلات، والمزيد منها في كل يوم تهدر فيه أصوات المتظاهرين في ميدان التحرير المطالبين برحيل الرئيس.
كانت الثورة تفتقد إلى القيادة، ولكنها بظهور وائل غنيم، ببساطته وعفويته وصدقه, يمكن القول إنه أصبح للثورة قائد، وإن كان لا يرضى. وعلى الباحثين عن محاور عن الشباب، أن يطرقوا عنوانه على الفيسبوك أو في ناحية من نواحي ميدان التحرير، لا أن يلجأوا إلى اعتقاله واتهامه بالعمالة، أو اللجوء إلى من لفظهم الشارع، قبل التاريخ، لتنصيبهم محاورين باسم ثورة خلقها شباب أمثال وائل والتحق بها ملايين الشعب المصري.
مع أن وائل بكى وأبكانا إلا أنه أعطانا الأمل بأن مستقبل مصر هو بشبابها النقي، وأن ما يحاوله النظام من "تصليحات" من داخله سيكون كمن ينفخ في "قربة مثقوبة"، وأن الحل المستقبلي، بعد عقود من حكومات رجال الأعمال سيكون بيد هؤلاء النقاة.