كل الذين تابعوا مباراة الاتحاد والهلال من الجانب الرسمي في الناديين، أو من إعلام موال لهما، إما أنهم تحدثوا عن ضربات جزاء لم تحتسب، أو حالات طرد لم تتم، حتى من ليس لهم علاقة بالناديين حشروا أنفسهم في الحدث، وأحدد هنا كتاب مقالات يومية.

بعيداً عن كل هذه الصجّة واللجّة التي تعودنا عليها، أسجل إعجابي الكبير بالحكم البلجيكي جيروم نزولو ذي الأصول الأفريقية، وتحديداً من أنجولا، فقد قدم دروساً في كيفية استخدام الصافرة، بالإضافة إلى أنه ظل طوال المباراة مبتسماً، وهذا ما جعله يمتص الكثير من انفعالات اللاعبين، وحماستهم الزائدة..!

ثمة أمر آخر، تمثل في عدم تردد الحكم في قراراته، حتى وهو يعطي إشارة الاستمرار في اللعب بعد سقوط مهاجم الاتحاد سلطان النمري داخل منطقة الجزاء، ولن أعطي رأيي في كونها ضربة جزاء أو خلاف ذلك، فلست خبيراً في التحكيم، وليتنا كإعلاميين نقلل بعض الشيء من الفتوى في كل شيء..!

لكن المزعج في كل المباريات التنافسية، أو مباريات الديربي، أن هذا الملعب ـ استاد الأمير عبدالله الفيصل ـ، لم يعد قادراً على استيعاب الجماهير، والحل من وجهة نظري الشخصية، زيادة مقاعد الدرجة الثانية من خلال استغلال المساحات الفاضية في الأطراف، بحيث تكون مدرجات هذه الدرجة متساوية في الارتفاع ..!

واعتقد أن ذلك فيما لو تحقق سيقضي على الكثير من الفوضى التي تحدث، وسيشجع الجمهور العازف عن الحضور على التواجد، لا سيما وأن "جدة" وهي المدينة السعودية الثانية، لا يوجد بها غير ملعب رسمي وحيد تم بناؤه قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، ومازال بذات التصميم، وجدة التي كان عدد سكانها لا يتجاوز الخمسمئة ألف أو أقل في ذلك الوقت، قاربت اليوم الخمسة ملايين..!

قلت في ثنايا هذا المقال إن الحكم البلجيكي تميز بعدم التردد، وهو ما يعجبني أيضاً في سياسة نادي الهلال، فقد يكون هذا النادي هو النادي الوحيد بين الأندية السعودية الذي مسح من قاموسه كلمة "تردد"، فإن أراد شيئاً حصل عليه، وإن لم يقتنع بذلك صرف النظر عنه، كما حدث في مفاوضاته مع لاعب القادسية ياسر الشهراني..!

كثير من الأندية المحلية جلّ مشاكلها تقع تحت أربعة أحرف تكوّن كلمة "تردد"، وهذا الحال ينطبق على إدارات النادي الأهلي المتعاقبة، فعلى رغم وضوح المشكلة في فريق القدم منذ أكثر من أربعة مواسم، إلاّ أن العلاج دائماً ما يأتي متأخراً، وفي آخر ساعة من التسجيل، وفي حالات كثيرة يكون علاجاً غير نافع، أو أن التشخيص للحالة كان خاطئاً..!

لذلك سيبقى فريق الأهلي بعيدا عن المنافسة على بطولة الدوري إلى أن يأتي من يغير منهجية العمل فيه، فقد أصبح حال الأهلي كحال مدينته، ميزانيات كبيرة معتمدة، وهدر للمال في غير محله، وأمين هناك يذهب، ورئيس هنا يغادر، والسبب في رأيي غياب التخطيط في ظل وجود جيش من المستشارين..!

والحلّ الذي يمكن أن يعود من خلاله الأهلي بالصورة التي تجعل أنصاره لا يخشون مواجهة الفرق البرازيلية، أو منتخب البرازيل كما كان يفعل ذلك الجيل، وليس وضع أيديهم على قلوبهم خوفاً من أن يخرج فريقهم على يد هجر، أو يخسر من نجران، أن يتولى ملف اللاعبين الأجانب في الفترة المقبلة الأمير الخبير خالد بن عبدالله، ورئيس النادي، الأمير فهد بن خالد..!

ومع زعمي بأنني قارئ جيد لأوضاع الأهلي، إلاّ أنني بت أشعر أنني غير قادر على معرفة ما يدور، والدليل أن ثلاثة إلى أربعة من هؤلاء اللاعبين السبعة الذين تسلموا بقية عقودهم، ووصلت إلى ما يقارب العشرين مليون ريال، هم الذين يحتاجهم الفريق، فيما البقية استفادوا من حالة التردد التي لم يتخلص منها الأهلي..!